بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله : المقام الثاني في الاستصحاب وهو لغة أخذ الشيء مصاحبا (١).
قال في القاموس استصحبه : دعاه إلى الصحبة ولازمه (٢) فيحتمل أن يقال أشار به إلى معنيين ، وأنّ دعاه إلى الصحبة معنى ولازمه معنى آخر ، وما ذكره المصنّف راجع إلى الأوّل. والفرق بينهما أنّ مفاد الأوّل أخذ الشيء صاحبا وتابعا ومفاد الثاني مصاحبة الشيء ومتابعته ، فيكون فاعل الفعل في الأوّل متبوعا والمفعول تابعا ، وفي الثاني بالعكس. ويحتمل أن يكون مجموع العبارة إشارة إلى معنى واحد ، ولعلّ وجه الجمع بين العبارتين في تفسير اللفظ أنّ الاستصحاب استفعال من الصحبة ، ومعنى باب الاستفعال هو طلب الفعل أعمّ من حصول المبدأ في الخارج وعدمه ، ولذا يقال استخرجته فلم يخرج واستصحبته فلم يصحبني واستهللت فلم أر الهلال وهكذا ، إلّا أنّ هذا ما يقتضيه الحقيقة الأوّلية ، ولا ريب أنّ الظاهر المتبادر من صيغة الاستفعال طلب المبدأ مع حصوله ، وأغلب الاستعمالات جار عليه ، ألا ترى أنّه لا يقال استمنى إلّا إذا حصل الامناء عقيب طلبه ولا استخرج إلّا إذا حصل الخروج ، نعم التصريح بعدم حصول المبدأ كما في الأمثلة المتقدّمة قرينة على إرادة مجرّد الطلب ، والظاهر أنّ حصول المبدأ مقتضى
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٩.
(٢). القاموس المحيط ١ : ٢٣٧.