إطلاق الصيغة وليس داخلا في الموضوع له ، وعلى هذا فلفظ الاستصحاب ظاهر في طلب الصحبة مع حصولها ، ولمّا كان أصل الصحبة بحسب معنى المادّة يتحقّق بين الشيئين من الطرفين ويكون كلّ منهما مصاحبا للآخر صحّ أن يفسّر استصحبت زيدا مثلا بقولنا دعوته إلى الصحبة ولزمني قضية لحصول الصحبة وأنّه حصل من الجانبين ، فصحبته وصحبني ولزمته ولزمني ، وما ذكرناه ينفعك في وجه مناسبة النقل إلى المعنى الاصطلاحي ، فافهم.
قوله : وعند الأصوليين عرّف بتعاريف (١).
ليس في التعرّض لجميع ما ذكروه في تعريف الاستصحاب كثير فائدة ، بل كثير من التعاريف يرجع بعضه إلى بعض ، وإنّما نتعرّض لبعض التعاريف الذي يختلف بحسبه معنى الاستصحاب في الاصطلاح ويعرف به حقيقته ، ثمّ نتعرّض لبعضها أيضا فيما يتعلّق بالطرد والعكس بعد ذلك ، فنقول :
منها : بقاء ما كان على ما كان كما اختاره صاحب الضوابط في آخر كلامه (٢) والمراد بالبقاء هو البقاء الحكمي والتنزيلي بجعل الشارع الحكم الموجود في السابق يقينا باقيا في زمان الشكّ في الظاهر أو الموضوع كذلك ، فالاستصحاب حينئذ نظير قاعدة الطهارة فكما يقال فيها إنّ المشكوك الطهارة وليس له حالة سابقة متيقّنة طاهر بحكم الشارع يعني في الظاهر ما دام مشكوكا ، كذلك يقال إنّ المراد من استصحاب الطهارة أنّ المسبوق بالطهارة الواقعية علما باق على طهارته فهو طاهر بحكم الشارع يعني في الظاهر وبحسب التنزيل الشرعي ، فيكون الاستصحاب على هذا نفس الحكم الشرعي لا من أدلّته ، فكما
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٩.
(٢) ضوابط الأصول : ٣٤٦.