ذلك ، ألا ترى أنه عند تعارض المقومين يقدّمون قول من هو أعرف وأبصر وأوثق ، وكذا يقدّمون الأكثر عددا ، بل يقدّمون قول من أوجب الظن بمطابقة الواقع ، وهذه عادتهم ودأبهم عند المعارضة في سائر الطرق المعتبرة عندهم.
قوله : وليستا كالأعدلية والأفقهية الخ (١).
لا ريب في أنّ صفة الأعدلية والأفقهية أيضا ممّا يوجب كون خبر من اتصف بهما أقرب إلى مطابقة الواقع في نظر الناظر ، والظاهر أنّ وجه تقديم خبرهما على خبر غير الأعدل والأفقه ذلك لا احترام العادل والفقيه ، وكما أنه يحتمل كون اعتبار الأقربية فيهما من جهة حصولها من السبب الخاص كذلك يحتمل في الأصدقية والأوثقية لأنهما أيضا من الصفات والملكات الحاصلة في الراوي مع قطع النظر عن روايتهما أحد المتعارضين ، نعم دلالة صفة الأصدقية والأوثقية على كون المناط أقربية خبر من اتّصف بهما إلى الواقع أقوى من دلالة صفة الأعدلية والأفقهية ، خصوصا الأصدقية حيث إنّ معنى لفظ الصدق مطابقة الخبر للواقع.
قوله : يعني بمزية من المزايا أصلا (٢).
فيه منع ، فإنّ قوله «لا يفضل أحدهما على صاحبه» ظاهره عدم مزية لأحدهما من المزايا المذكورة لا مطلق المزية سيّما بملاحظة وقوعه بعد قوله «هما عدلان مرضيان عند أصحابنا».
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٧٦.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ٧٧.