إلى أن يعلم بقذارته ، وعلى الحمل على القاعدة يقال : كلّ شيء مشكوك الطهارة طاهر إلى أن يعلم قذارته ، ولا يحتاج إلى جعل المحمول على الأوّل محكوم باستمرار طهارته ، وإلّا فلنجعل المحمول على الثاني محكوم بثبوت الطهارة ، وكيف كان يظهر من عبارته هنا أنّ العلم بالقذارة غاية للحكم بثبوت الطهارة بناء على الحمل على القاعدة ، ويظهر من كلامه في ردّ بعض معاصريه كما سيأتي عن قريب أنّ غاية الحكم بثبوت الطهارة في القاعدة ليست إلّا نسخ هذا الحكم في الشريعة ، ويظهر من كلامه في آخر بيانه في التكلّم على هذا الخبر ما يوافق هذا المقام فليتأمّل فإنّ العبارة لا تخلو من قلق واضطراب وإشكال وإعضال من أوّلها إلى آخرها ، ولا أشكو إلّا من قلّة فهمي وقصور باعي.
قوله : بل تجري في مسبوق النجاسة على أقوى الوجهين الآتيين (١).
قد اختلف كلام المصنّف في هذه المسألة ونظائرها من موارد اجتماع مجرى الاستصحاب والقاعدة ، فهاهنا أشار إلى تقديم قاعدة الطهارة على استصحابها ، وكذا في أوّل مبحث حجّية الظنّ ذكر أنّ أصالة حرمة العمل بالظنّ يعني القاعدة على ما بيّنها مقدّمة على استصحابها واستشهد عليه بتقديم قاعدة الاشتغال على استصحابه مستدلا بتقدّم موضوع القاعدة وهو مجرّد الشكّ على موضوع الاستصحاب وهو العلم بالحالة السابقة مع الشكّ اللاحق ، واختار في آخر الرسالة عند تعرّض معارضة الاستصحاب مع سائر الاصول تقديم الاستصحاب نظرا إلى أنّ حاله حال الدليل بالنسبة إلى سائر الاصول بملاحظة أنّه جرّ الواقع تنزيلا إلى حال الشكّ ، ولكل وجه وسيأتي تحقيق حال المسألة إن شاء الله تعالى عند التعرّض لكلام المتن هنالك.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٧٣ ـ ٧٤.