ماهية الانسان اذا تتبّعنا انحاء وجودها في الخارج نجد ان هناك حصتين ممكنتين لها من ناحية صفة العلم ، وهما : الانسان الواجد للصفة خارجا ، والانسان الفاقد لها خارجا ، ولا يتصوّر لها حصة ثالثة ينتفي فيها الوجدان والفقدان معا لاستحالة ارتفاع النقيضين. ومن هنا نعرف ان مفهوم الانسان الجامع بين الواجد والفاقد ليس حصة ثابتة في الخارج في عرض الحصتين السابقتين (١).
ولكن اذا تجاوزنا الخارج الى الذهن وتتبّعنا عالم الذهن في معقولاته الاوّلية التي ينتزعها من الخارج مباشرة نجد ثلاث حصص او ثلاثة أنحاء من لحاظ الماهية كل واحد يشكل صورة للماهية في الذهن تختلف عن الصورتين الاخريين ، لان لحاظ ماهية الانسان في الذهن تارة يقترن مع لحاظ صفة العلم ، وهذا ما يسمّى بالمقيّد او لحاظ الماهية بشرط شيء ، وأخرى يقترن مع لحاظ عدم صفة العلم (٢) ، وهذا نحو آخر من المقيّد و
__________________
(١) يقصد انه لا يوجد في الخارج شخص ثالث جامع بين العالم والجاهل.
(٢) وذلك بان نلحظه جاهلا ، كما نلاحظ الاعمى متصفا بصفة العمى مع ان العمى صفة عدمية ، فان العدم اذا اضيف الى الملكة كالعلم والبصر يصير قابلا للتصوّر. امّا العدم المطلق ـ بالحمل الشائع الصناعي ـ فانه لا يمكن تصوّره لعدم وجود مصداق له لا في الخارج ولا في الذهن ، او قل لانه لا شيئية له ولا حدّ له يحدّه ليتحصّص بحصّة معينة كما كان الامر في عدم الملكة ، نعم مفهوم العدم ـ اي العدم بالحمل الذاتي الاوّلي ـ موجود في الذهن كسائر المفاهيم ولذلك نصفه بصفات عديدة مثل انه يغاير مفهوم الوجود ونحو ذلك.