والفوارق بين هذه الاقوال تظهر فيما يلي :
١ ـ لا يمكن تصوّر حالة ثالثة غير الاطلاق والتقييد على القول الثالث لاستحالة ارتفاع النقيضين ، ويمكن افتراضها على القولين الاوّلين ، وتسمّى بحالة الاهمال (١).
٢ ـ يرتبط امكان الاطلاق بامكان التقييد على القول الثاني ، فلا يمكن الاطلاق في كل حالة لا يمكن فيها التقييد. ومثال ذلك : ان تقييد الحكم بالعلم به مستحيل (٢) ، فيستحيل الاطلاق ايضا على القول المذكور ، لان الاطلاق ـ بناء عليه ـ هو عدم التقييد في الموضع القابل ، فحيث لا قابلية للتقييد لا اطلاق. وهذا خلافا لما إذا قيل بان مردّ التقابل بين الاطلاق والتقييد الى التناقض ، فان استحالة احدهما حينئذ تستوجب كون الآخر ضروريا لاستحالة ارتفاع النقيضين. وامّا اذا قيل بان مردّه الى التضاد فتقابل التضاد بطبيعته لا يفترض امتناع احد المتقابلين بامتناع
__________________
في المحاضرات ج ٥ ص ٣٦٤ ، وعلى أيّ حال لم نر فائدة من هذا البحث في الفقه ، سواء في مسألة التعبدي والتوصّلي او في شمول الحكم للعالم والجاهل او في غيرهما.
(١) لانّ المتضادين أمران وجوديان يرتفعان بالامر العدمي او بوجودي ثالث ، فمثلا الابيض ضد الاسود ، لكنها يرتفعان بالاحمر والاصفر وايضا يرتفعان بعدم الابيض والاسود مطلقا. وعلى مسلك المحقق النائيني يرتفع البصر والعمى بالحائط فكانه لا أعمى ولا بصير.
(٢) للدور المعروف ، فانه لا يصحّ ان يقال «تجب عليك الصلاة جعلا إن علمت بهذا الجعل (وهو وجوب الصلاة بنحو الجعل إن علمت بهذا الجعل)» والتسلسل الواضح.