وامّا حالات الشرط المحقّق للموضوع فهي على قسمين :
احدهما : ان يكون الشرط المحقق لوجود الموضوع هو الاسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع ، كما في مثال الختان المتقدّم.
والآخر : ان يكون الشرط احد اساليب تحقيقه ، كما في «إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا» ، فانّ مجيء الفاسق بالنبإ عبارة أخرى عن ايجاد النبأ ، ولكنه ليس هو الاسلوب الوحيد لايجاده ، لانّ النبأ كما يوجده الفاسق يوجده العادل أيضا.
ففي القسم الاوّل : لا يثبت مفهوم الشرط ، لانّ مفهوم الشرط من نتائج ربط الحكم بالشرط وتقييده به على وجه مخصوص ، فاذا كان الشرط عين الموضوع ومساويا له فليس هناك في الحقيقة ربط (١) للحكم بالشرط وراء ربطه بموضوعه ، فقولنا «اذا رزقت ولدا فاختنه» في قوّة قولنا «اختن ولدك».
وأمّا في القسم الثاني فيثبت المفهوم ، لانّ ربط الحكم بالشرط فيه امر وراء ربطه بموضوعه ، فهو تقييد وتعليق حقيقي ، وليس قولنا «إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا» في قوّة قولنا «تبيّنوا النبأ» (٢) ، لأنّ القول
__________________
(١) بمعنى انه ليس هناك ربطان : ربط للحكم بالشرط وتوقّفه عليه ، وربط للحكم بموضوعه ، وانما عندنا ربط واحد فقط وهو ربط الحكم بموضوعه لكنه بيّن بصورة ربط الحكم بالشرط.
(٢) وذلك لانّ الآية ليست تقول «إن جاءكم نبأ فتبيّنوا» (*).
__________________
(*) بل حتى لو فهمنا معنى الآية هكذا «نبأ الفاسق إن جاءكم فتبيّنوا» يكون شرطها مسوقا لتحقق الموضوع فلا يكون لها مفهوم ، لانّ معناها ح سيكون : «تبيّنوا نبأ الفاسق» ، وهذا المعنى