فمسلك المحقق العراقي في جملة الغاية واضح الصواب (١) ، ومن هنا يتّجه البحث إلى ان المغيّى هل هو طبيعي الحكم أو شخص الحكم المجعول والمدلول لذلك الخطاب؟ فعلى الاوّل يثبت المفهوم دونه على الثاني.
ولتوضيح المسألة يمكننا أن نحوّل الغاية (٢) من مفهوم حرفي مفاد بمثل «حتّى» أو «إلى» الى مفهوم اسمي مفاد بنفس مادّة «الغاية» ،
فنقول تارة : «وجوب الصوم مغيّا بالغروب» ،
ونقول أخرى : «جعل الشارع وجوب الصوم المغيّى بالغروب» ، وبالمقارنة بين هذين القولين نجد ان القول الاوّل يدلّ عرفا على ان طبيعي وجوب الصوم مغيّا بالغروب لان هذا هو مقتضى الاطلاق (٣) ، فكما ان قولنا «الربا ممنوع» يدلّ على ان طبيعي الربا ومطلقه ممنوع كذلك قولنا «وجوب الصوم مغيّا» يدلّ على ان طبيعي وجوب الصوم مغيّا ، ف «وجوب الصوم» بمثابة «الربا» و «مغيا» بمثابة «ممنوع» ، فتجري قرينة الحكمة على نحو واحد. وأمّا القول الثاني فلا يدلّ على ان طبيعي وجوب الصوم مغيّا بالغروب ، بل يدلّ على اصدار وجوب مغيّا
__________________
(١) اي ان مسلك المحقق العراقي واضح الصواب كمسلك ، لا ان للجملة الغائية مفهوم عند السيد الشهيد رحمهالله.
(٢) يقصد الدّال على الغاية.
(٣) في «وجوب الصوم» ، بيان ذلك ان مفاد هذه القضية على القول الاوّل هكذا : انما وجوب الصوم يكون الى غروب الشمس ، فاذا غربت فلا وجوب مطلقا وبايّ عنوان.