التشريعية التي فيها آمر ومأمور ، لا بالنسبة الى الاغراض التكوينية ، فلا يمكن ان يستدل بالسيرة المذكورة على الحجية شرعا.
وان كان المقصود بناء العقلاء بنحو المقام الثاني ، فمن الواضح انّ جعل شيء منجّزا او معذّرا من شأن المولى والحاكم ، لا من شأن المأمور ، فمردّ بناء العقلاء على جعل قول اللغوي منجزا ومعذرا الى ان سيرة الآمرين قد انعقدت على ان كل آمر يجعل قول اللغوي حجّة في فهم المامور لما يصدر منه من كلام بنحو ينجّز ويعذّر ، وبعبارة أشمل : ان سيرة كل عاقل اتّجهت الى انه إذا قدّر له ان يمارس حالة الآمرية فانه يجعل قول اللغوي حجّة على مأموره ، ومن الواضح ان السيرة بهذا المعنى لا تفوّت على الشارع الاقدس غرضه ، حتى إذا لم يكن قد جعل قول اللغوي حجّة ومنجّزا ومعذّرا بالنسبة الى احكامه ، وذلك لان هذه السيرة يمارسها كل مولى في نطاق اغراضه التشريعية مع مأموريه ولا يهمّ الشارع الاغراض التشريعية للآخرين ، فكم فرق بين سيرة العقلاء على ملكية الحائز وسيرتهم على حجية قول اللغوي ، لانّ السيرة الاولى تقتضي سلوكا لا يقرّه الشارع إذا كان لا يرى الحيازة سببا للملكية ، وأمّا ما تقتضيه السيرة الثانية من سلوك فلا يتجاوز الالتزام بأنّ قول اللغوي منجز ومعذر في علاقات الآمرين بالمأمورين من العقلاء ، ولا يضرّ الشارع ذلك على ايّ حال (١).
فإن قال قائل : لما ذا لا يفترض بناء العقلاء على ان قول اللغوي
__________________
(١) طالما كانت سيرة الاعتماد على قول اللغوي مقتصرة على الآمرين العاديّين دون الشارع المقدّس