الحالة الثانية : ان يوجد بين المدلولات الخبرية جانب مشترك يشكّل مدلولا تحليليا لكل خبر ، امّا على نسق المدلول التضمّني (١) ، او على نسق المدلول الالتزامي (٢) ، مع عدم التطابق في المدلول المطابقي بكامله ، كالاخبارات عن قضايا متغايرة ، ولكنها تتضمّن جميعا مظاهر من كرم حاتم مثلا (٣). ولا شك هنا في وجود المضعّف الكمّي الذي
__________________
(١) كما لو ثبت لنا بالتواتر ان زيدا قد اشترى المكتبة الفلانية ، فانه يثبت بالدلالة التضمّنية كون الكتاب الفلاني ـ الذي هو جزء منها ـ انه له.
(٢) كما في حصول التواتر على أن الأئمّة عليهمالسلام كانوا يعطون الفقراء والشعراء أموالا كثيرة ليبعدوا عنهم الذل والحاجة فانها تدلّ بالدلالة الالتزامية على كرمهم.
(٣) وهو ما يسمّى بالتواتر المعنوي.
__________________
«الاطمئنان علم وكاشف» فيجب العمل بمقتضى هذا العلم تنجيزا وتعذيرا ، فكان الحكم عين الموضوع حقيقة وإن غايره مفهوما كما قلنا في المقدّمة.
(والنتيجة) ان الاطمئنان حجيته ذاتية ـ كالقطع ـ لانه ليس المراد من الاطمئنان الا العلم العرفي ، وليس المراد من الحجية الّا ما ينجّز ويعذّر ، وهل يوجد فوق العلم منجّز ومعذّر ، فالعلم اعلى مرتبة من مراتب الحجّة. ومن هنا تعرف ان قولنا «ذاتيّة» إنما هو لوجود وحدة حقيقية بنظر العقلاء بين الاطمئنان والحجّة كما عرفت ، فكأنك قلت «العلم علم».
ولا يفرق الحال في اسباب حصول هذا الاطمئنان ـ وذلك كما مرّ في القطع ـ سواء حصل من تواتر الاخبار كالعلم بحصول وقعة الخندق مثلا ، او من خبر واحد ـ ثقة او غير ثقة ـ بانّ فلانا من الناس يدقّ الباب. (نعم) على الانسان أن يتوجّه الى اسباب حصول الاطمئنان عنده ويحاول ان يكون عقلائيا في اطمئناناته كي لا يصير قطاعا ولا وسواسيّا.