رأيناه في الحالة السابقة يضاف إليه مضعّف آخر ، وهو ان افتراض كذب الجميع يعني وجود مصلحة شخصية لدى كل مخبر دعته الى الإخبار بذلك النحو ، وهذه المصالح الشخصيّة إن كانت كلها تتعلّق بذلك الجانب المشترك فهذا يعني أن هؤلاء المخبرين على الرّغم من اختلاف ظروفهم وتباين احوالهم اتفق صدفة أن كانت لهم مصالح متماثلة تماما ، وان كانت تلك المصالح الشخصيّة تتعلّق بالنسبة الى كل مخبر بكامل المدلول المطابقي فهذا يعني انها (١) متقاربة ، وذلك أمر بعيد بحساب الاحتمالات ، وهذا ما نسمّيه بالمضعّف الكيفي ، يضاف الى ذلك المضعّف الكمّي. ولهذا نجد ان قوّة الاحتمال التي تحصل في هذه الحالة اكبر منها في الحالة السابقة ، والاحتمال القويّ هنا يتحوّل الى يقين [عرفي] بسبب ضآلة احتمال الخلاف ، ولا يلزم (٢) من ذلك ان ينطبق هذا
__________________
(١) اي المصالح الشخصيّة.
(٢) أي : لا يلزم من تحوّل الاحتمال القوي في هذه الحالة الى يقين ان نقول : وكذا الامر في الحالة الاولى فانه يلزم ان يتحوّل احتمالنا الى يقين ايضا كما في هذه الحالة الثانية. (وذلك) اي دليل عدم الاستلزام هو وجود وحدة معنوية في الحالة الثانية تفيد معنى كرم حاتم ، يعني ان كل رواية تعاضد غيرها في وحدة المعنى ، بخلاف الحالة الاولى ، ولذلك لن يتحوّل احتمالنا في الحالة الاولى الى يقين وسنبقى نحتمل ان كل الروايات المائة التي اخذناها بلا تأمّل ان تكون هي عين هذه الروايات المائة الكاذبة من بين العشرة آلاف رواية ، كما نحتمل ان يكون الاناء الذي اخذناه من بين العشرة آلاف إناء طاهر هو نفسه النجس ولن يتحوّل احتمالنا هذا ـ رغم اعترافنا بضآلته ـ الى يقين ، لاننا اذا قلنا ليس النجس هو هذا فاذن لك ان تقول ايضا ليس ذاك هو