__________________
واحد ـ كالقتل مثلا فانه يقبح غالبا ويحسن احيانا قليله كما في قتل المحاربين ـ نستكشف ان هذا الامر ليس من مصاديق الظلم حقيقة وان تخيّله الناس بانه ظلم حقيقة ، فانّ الظلم قد عرض عليه فصار حراما ، فافهم(*)
__________________
(*) في الواقع انّ كلّ الاحكام سواء كانت عقلية ام شرعية هي غير قابلة للتخصيص ، وما التخصيص إلا من باب التسهيل على الناس ، فقولنا «اكرم العلماء الّا الفسّاق منهم» هو حكمان في الواقع حكم بوجوب اكرام العلماء لعلمهم ، وحكم بعدم وجوب اكرام الفسّاق منهم ، وذلك لكون الفسق مقتض مثلا ـ في مقام الملاك ـ لاهانتهم ، أو قل يحصل تعارض بين مقتضي ثبوت وجوب الاكرام لهم لعلمهم والمقتضي لاذلالهم ونهرهم لفسقهم ، وبعد الكسر والانكسار يتغاير حكما اكرام العلماء العدول واكرام العلماء الفسّاق.
فان الحكم هو ظلّ ومظهر من مظاهر متعلقه الذي هو العلّة له وبه قوام وجود الحكم.
وهذا معنى قول علمائنا بتبعيّة الاحكام للمصالح والمفاسد في المتعلّقات.
فقولنا للاجير الذي لا يعطيه صاحب العمل حقّه «لا تسرق إلّا من باب انقاذ حقّك» سواء اعتبرناه حكما عقليا او شرعيا لا فرق فيه من ناحية التخصيص ، فبناء على كونه عقليا يكون حكمين الاوّل مفاده «لا تسرق السرقة القبيحة» والثاني مفاده مثلا «لا بأس وباستنقاذ حقّك ولو من دون اعلام الغاصب» ، وليس هنا تخصيص ، لأن التخصيص يغيّر الموضوع الاوّل وبالتالي سيتغير الحكم تكوينا فتنبّه ..
فملاك العام غير ملاك الخاص ولذلك فهما في الحقيقة حكمان وانما اعتبرناهما من باب التخصيص لوحدة الموضوع العام فيهما.
وفي الحقيقة انّ كل الاحكام العقلية هي شرعية لتمامية الشريعة الاسلامية كما اوضحنا ذلك قبل قليل ، بل بالتدقيق كل الاحكام الشرعية هي احكام عقلية لما ذكرناه أكثر من مرّة في هذه الصفحات ، إلّا انّ البشر لعدم ادراكهم لتمام المصالح والمفاسد لا يستطيعون على ادراك الحكم في كل الموارد.