ذهنيا فلا يمكن ان يتعلّق الّا بما هو حاضر في الذهن ، وليس ذلك الّا
__________________
وانك تشعر بذلك عند ما تدرك يوما انك كنت مشتبها بلونها ، او كنت مشتبها في كون الآتي زيدا إذا تبيّن بعد ذلك انّه كان عمروا ، فالذهن مرآة تعكس لك الخارج ، لكن قد تشتبه احيانا وانت ترى الاشياء الخارجية من خلال هذه المرآة ، فقد ترى السراب ماء كما اشار الله تعالى الى هذه الحقيقة بقوله : (والّذين كفروا أعملهم كسراب بقيعة يحسبه الظّمئان مآء) ، وقد ترى الكثير قليلا كما في قوله تعالى : (وإذ يريكموهم إذ التقيتم فى أعينكم قليلا ويقلّلكم فى أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا) ...
نعم هذه الصورة الذهنية لها عادة نفس ماهيّة وخصوصيات المرئي الخارجي من طول وعرض ولون ونعومة وو ... ولذلك فهما واحد بالحمل الذاتي الاوّلي اي ماهيّة او قل جنسا ونوعا وفصلا وبأعراضها العامّة والخاصّة ، ولذلك تكون الصورة الذهنيّة والعلم والقطع حججا عقلية او على الاقل عقلائية لانّه قد يقع اشتباهات احيانا قليلة لاسباب عرضيّة كمن يعتقد انّ الآتي زيد مع انّه واقعا عمرو ، لبعد المرئيّ او غير ذلك ، ممّا لا تلغي حجية المعلومات الذهنية.
اذن فالمرئي الذهني يغاير المرئي الخارجي في حقيقة الوجود. ولذلك تختلف آثارهما أيضا ، فآثار الوجود الخارجي خارجية ، وآثار الوجود الذهني ذهنيّة ، فاذا رأى شخص نارا في الخارج فان ذهنه لا يحترق وذلك لان الذي يحرق في الخارج هي النار التي وجودها خارجي ، والاحتراق الذهني من آثار الوجود الذهني ، بمعنى انّ من يشاهد نارا واحتراقا فهو يدرك الاحتراق ، هذا الاحتراق المدرك في الذهن يعبّر عنه بالاحتراق الذهني وهو من آثار الوجود الذهني للنار. اذن فآثار الشيء ومعلولاته (كالاحتراق) تستتبع نوعيّة وجوده.