وخبث سريرته مع المولى ، لا في استحقاق المذمّة على الفعل المقطوع بكونه معصية.
وربّما يؤيّد ذلك أنّا نجد من أنفسنا الفرق في مرتبة الذم بين من صادف فعله الواقع وبين من لم يصادف ،
______________________________________________________
(عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى)(١).
وشقاوة الفاعل عبارة عن : اختياره القاء نفسه في مشقة غضب الله وبعدها عنه (وخبث سريرته) اي سوء نيته (مع المولى) لان كلا الشاربين بصدد التمرد والعصيان (لا) بتساويهما (في استحقاق المذمة على الفعل المقطوع بكونه معصية) لوضوح انه لا ذم لشرب الماء ، وانّما خاص لشرب الخمر.
(و) بعد ان فرغ المصنّف من الاستدلال الشرعي والعقلي على التفاوت بين الشاربين ، وان غير المصادف لا حرمة لفعله ، فلا عقاب عليه ، أيّد ذلك بقوله :
(ربّما يؤيد ذلك) اي استحقاق المصادف دون غيره للعقاب (انا نجد من انفسنا) وهذا الوجدان دليل على الواقعية ، لان النفس حسب فطرة الله سبحانه منطوية على درك الحقائق (الفرق في مرتبة الذم بين من صادف فعله الواقع ، وبين من لم يصادف) فاذا رأينا نفرين يرميان مسلمين ، فأصاب احدهما هدفه فقتل المسلم المرمي ، والآخر لم يصب هدفه فلم يقتل ذلك المسلم الثاني ، فان العقلاء ينهالون على المصادف بكل سب وذم ، بخلاف الثاني حيث يكون سبابهم وذمهم له اقل ، فان العقلاء يرون في المصيب هدفه إساءتين ، وفي غير المصيب هدفه إساءة واحدة ، وهكذا حال شاربي الإناءين بقصد الخمر ، وقد
__________________
(١) ـ سورة طه : الآيات ١ ـ ٢.