ألا ترى أنّه ليس من البعيد أن يكون القدماء القائلون بنجاسة البئر ، بعضهم قد استند إلى دلالة الأخبار الظاهرة في ذلك مع عدم الظفر بما يعارضها ، وبعضهم قد ظفر بالمعارض ولم يعمل به ، لقصور سنده ، او لكونه من الآحاد عنده أو لقصور دلالته
______________________________________________________
حكم قد استند كلا منهم الى دليل معتمد عنده ، وليس معتمدا عندنا ، كأن استند بعضهم الى آية ، وبعضهم الى رواية ، بعضهم الى اصل ، ونحن لا نرى دلالة تلك الآية ، ولا صحة سند تلك الرواية ، ولا قوة ذلك الأصل في إفادة المطلب.
ثم إنّ المصنّف ، استدل على انّ أقوال الفقهاء ليست حجّة لنا لاحتمال استناد كلّ بعض منهم الى ما لا نراه دليلا ، بقوله :
(ألا ترى : انه ليس من البعيد أن يكون القدماء القائلون) باتفاقهم (بنجاسة) ماء (البئر) بسبب وقوع النجس فيها ، حيث كان المشهور الى زمان المحقّق الحلّي ، انّ البئر تنجس بوقوع النجاسات فيها ، مما يوجب نزح دلاء معينة ، وكذا في بعض غير النجاسات ، مثل العقرب ، لكن اجماعهم ذلك ليس بحجّة عندنا ، لأنّ (بعضهم قد استند الى دلالة الأخبار الظاهرة في ذلك) أي : في النجاسة (مع عدم الظفر) منهم (بما يعارضها) مما يوجب : حمل أخبار النجاسة على الكراهة.
(وبعضهم قد ظفر بالمعارض) لتلك الاخبار الدالة على النجاسة (و) لكن (لم يعمل به) أي : بالمعارض (لقصور سنده ، أو لكونه من الآحاد عنده) أي : عند ذلك البعض ، حيث يرى المعارض قاصر السند عن المعارضة ، أو انّ المعارض من اخبار الآحاد ، وخبر الواحد ليس بحجّة عنده كما نسب ذلك الى السيد ، وابن ادريس ، وغيرهما.
(أو لقصور دلالته) أي : دلالة ذلك الخبر المعارض.