وكيف كان ، فمادّة التبيّن ولفظ الجهالة وظاهر التعليل
______________________________________________________
ما لا يعتمد عليه ، لمكان فسقه.
فاذا قال المولى ـ مثلا ـ أكرم الانسان العالم ، فربّما يكون تقييده بالعالم لأجل إخراج الجاهل ، وربّما يكون لأجل بيان : إنّ العالم ينبغي أن يكرم ، فلا يكون القيد حينئذ احترازيا ، بل يكون لبيان نكتة اخرى وهي : ما في إكرام العالم من مزية.
والفرق بين الأمرين : إنّ في الأوّل ، لا يجوز أن يريد منه : إكرام الانسان مطلقا ، لأنّ القيد يكون لغوا حينئذ ، بخلاف الثاني ، فان له ان يريد به : إكرام الانسان مطلقا ، ولا يكون قيد العالم حينئذ لغوا ، وانّما جيء به لأجل بيان النكتة التي ذكرناها.
وهذا هو المعروف عندهم : من إنّ القيد قد يكون احترازيا ، وقد لا يكون احترازيا ، بل لبيان جهة اخرى : كالقيد التوضيحي والقيد الغالبي والقيد لنكتة خارجية.
(وكيف كان) الأمر في التبيّن ، وإنه للاحتراز ، أو لنكتة اخرى ، (فمادّة التبيّن) الظاهرة في تحصيل العلم ، لما تقدّم : من أنّ الابانة عبارة : عن الظهور ، والظهور لا يكون إلّا مع العلم ولو في أنزل درجاته ، وهو : الاطمئنان.
(ولفظ الجهالة) الظاهر في عدم العلم ، لا في السفاهة ـ على ما تقدّم أيضا احتماله ـ.
(وظاهر التعليل) وهو : وجوب تحصيل العلم في خبر الفاسق ليؤمن من الوقوع في الندم ، حيث قال سبحانه : (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (١).
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.