فالمقصود الحذر عن الوقوع في مخالفة الواقع ، فكلّما حصل الأمن منه جاز العمل ، فلا فرق حينئذ بين خبر الفاسق المعتضد بالشهرة إذا حصل الاطمينان بصدقه وبين الشهرة المجرّدة إذا حصل الاطمينان بصدق مضمونها.
والحاصل : أنّ الآية تدلّ على أنّ العمل يعتبر فيه التبيّن من دون مدخليّة لوجود خبر الفاسق وعدمه ،
______________________________________________________
وعليه : (فالمقصود) من المنطوق للآية المباركة ، هو : (الحذر عن الوقوع في مخالفة الواقع) الموجب للندم (فكلّما حصل الأمن منه) عرفا (جاز العمل) بذلك الشيء المأمون العواقب خبرا كان ، أو غير خبر كالشهرة ـ مثلا ـ.
إذن : (فلا فرق حينئذ) أي : حين كان الاطمئنان مناطا (بين خبر الفاسق) الموجب بنفسه للاطمئنان ، بلا حاجة الى شيء خارجي ، لأنّ الفاسق ـ مثلا ـ صادق اللهجة أو انّ خبره محفوف بالقرائن ، وبين خبر الفاسق (المعتضد بالشهرة) الفتوائية ـ مثلا (إذا حصل) من مجموع خبر الفاسق والشهرة (الاطمئنان بصدقه ، وبين الشهرة المجردة ، إذا حصل الاطمئنان بصدق مضمونها) أي : مضمون تلك الشهرة.
وعلى هذا : فيكون لخبر الفاسق أحيانا مدخلية ـ تامة ـ في الاطمئنان ، وأحيانا يكون له جزء دخل في الاطمئنان.
(والحاصل : انّ الآية تدل على إنّ العمل ، يعتبر فيه التبيّن) الموجب للاطمئنان ـ من أي طريق حصل ـ وذلك (من دون مدخلية لوجود خبر الفاسق وعدمه).
كما انّه لا مدخلية للشهرة وعدمها.