وإذا تحقّق حسن الحذر ثبت وجوبه ، إمّا لما ذكره في المعالم ، من أنّه لا معنى لندب الحذر ، إذ مع قيام المقتضي يجب ومع عدمه لا يحسن ، وإمّا لأنّ رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالاجماع المركّب ،
______________________________________________________
القبيل بالنسبة اليه سبحانه ، مثل : غضب ، ورضى ، وأسف.
قال سبحانه : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) (١).
وقال سبحانه : (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) (٢).
وقال سبحانه : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) (٣).
ولهذا قالوا فيه سبحانه وتعالى : خذ الغايات واترك المبادي.
(و) على كل حال : فانه (إذا تحقق حسن الحذر) ومحبوبيته (ثبت وجوبه) للتلازم بين الأمرين في أمثال المقام ، وذلك (امّا لما ذكره في المعالم : من أنه لا معنى لندب الحذر ، إذ مع قيام المقتضي يجب ، ومع عدمه لا يحسن) فانه إذا كان الأسد موجودا وجب التحذر عنه ، وإذا لم يكن موجودا ، لا يحسن التحذر إطلاقا.
وكذا في الآية الكريمة فانه عند إنذار المنذرين ، إن كان مخالفة خبرهم حراما موجبا لاستحقاق العقاب ، وجب الحذر ، وإن لم تكن مخالفتهم حراما ولم يوجب عقابا لم يكن مقتض للحذر ، فيلغو الحذر.
لكن حيث دلت الآية على محبوبية الحذر ، علم وجود المقتضي وهو : استحقاق العقاب على المخالفة ، ومع وجود المقتضي ، وجب الحذر.
(وامّا لأنّ رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالاجماع المركب) وقد
__________________
(١) ـ سورة الزخرف : الآية ٥٥.
(٢) ـ سورة الفتح : الآية ٦.
(٣) ـ سورة المائدة : الآية ١١٩.