ونظيره جميع ما ورد من بيان الحقّ للناس ووجوب تبليغه إليهم ، فانّ المقصود منه اهتداء الناس إلى الحق الواقعيّ ، لا إنشاء حكم ظاهريّ لهم بقبول كلّ ما يخبرون به وإن لم يعلم مطابقته للواقع.
______________________________________________________
والمراد بالمخاطب : هم نقلة الرّوايات الذين أمرهم المعصومون عليهمالسلام بنقل رواياتهم الى الناس ، فانّ المتبادر منه : انهم عليهمالسلام لم يقصدوا بذلك وجوب العمل بالخبر الظنيّ الصادر من هؤلاء الرواة ليكون المناط وجوب العمل بمثل هذا الخبر الظنيّ تعبدا ، بل المتبادر عرفا من أمرهم عليهمالسلام بنقل الرّوايات للناس : وجوب العمل بالامور الواقعية.
(ونظيره) أي : نظير ما مرّ من الكلام بالنسبة الى الأمر بالتفقه والانذار ، في الآية المباركة ، (جميع ما ورد من) وجوب (بيان الحق للنّاس ووجوب تبليغه إليهم) وحرمة كتمان الحق ، كقوله سبحانه :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ ، أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ ، وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (١).
(فانّ المقصود منه) أي : من بيان الحق ، ووجوب تبليغه ، وحرمة كتمانه (اهتداء الناس الى الحقّ الواقعي ، لا) المقصود : جعل الحجّية ، و (إنشاء حكم ظاهري ، لهم بقبول كل ما يخبرون به وإن لم يعلم مطابقته للواقع).
وفيه : انّ ظاهر أخبر فلانا لعلّه يحذر : طلب الأمر الحذر من فلان عقيب الاخبار ، فلو لم يحذر ، بأن لم يعمل بمقتضى خبر المنذر ـ بالكسر ـ معتذرا : بانه لم يحصل له العلم بصدق المخبر ، رآه العقلاء آثما بتركه العمل ، مستحقا
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٥٩.