فانحصر وجوب الحذر فيما إذا علم المنذر صدق المنذر في إنذاره بالأحكام الواقعيّة ، فهو نظير قول القائل : أخبر فلانا بأوامري ، لعلّه يمتثلها.
فهذه الآية نظير الأمر بنقل الرّوايات ، فانّ المقصود من هذا الكلام ليس إلّا العمل بالامور الواقعيّة ، لا وجوب تصديقه فيما يحكي ولو لم يعلم مطابقته للواقع. ولا يعدّ هذا ضابطا لوجوب العمل بالخبر الظنّي الصادر من المخاطب في الأمر الكذائيّ.
______________________________________________________
(فانحصر وجوب الحذر فيما إذا علم المنذر) ـ بالفتح ـ (صدق المنذر) ـ بالكسر ـ (في إنذاره بالأحكام الواقعيّة فهو) أي : الأمر بالانذار في هذه الآية المباركة (نظير قول القائل : أخبر فلانا بأوامري ، لعلّه يمتثلها) فانّ الظاهر من هذا الأمر ، هو : ارادة الآمر : امتثال فلان لأوامره الواقعية ، لا لأوامره الخيالية.
وايضا (فهذه الآية نظير الأمر بنقل الرّوايات ، فانّ المقصود من هذا الكلام) أي : مقصود الرسول والائمة عليهمالسلام من أمرهم بنشر الأحكام بين المسلمين (ليس الّا) إيصال الواقعيات الى المسلمين و (العمل) منهم (بالأمور الواقعيّة لا وجوب تصديقه في ما يحكي) عن المعصوم تعبدا (ولو لم يعلم مطابقته للواقع).
فان أمرهم عليهمالسلام اصحابهم بنقل الروايات ، يقصدون به : وصول الأحكام الالهية الى الناس ، ليعملوا بالأحكام الواقعية ، فيفوزوا بالمصالح الخفية الكامنة في تلك الأحكام ، وليس المقصود من مثل هذه العبارة : جعل الحجّية وإيجاب العمل بخبر الواحد ـ كما استدل به القائل بدلالة الآية على ذلك ـ.
(ولا يعدّ هذا) أي : وصول الخبر الى الناس ووجوب تصديقهم له تعبدا بدون علمهم بأنّ الخبر مطابق للواقع ، أم لا (ضابطا لوجوب العمل بالخبر الظنّي ، الصادر من المخاطب في الأمر الكذائي).