فجئت فإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرا فو الله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم الريح تضربهم بها وهم يقولون : الرحيل الرحيل ، فجئت فأخبرته خبر القوم ، وأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا) (نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) الآية (١).
الآية : ١٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (١٢).
أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال : خط رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخندق عام الأحزاب ، فأخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدوّرة ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم المعول فضربها ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتي المدينة ، فكبر وكبر المسلمون ، ثم ضرب الثانية فصدعها ، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها فكبر وكبر المسلمون ، ثم ضربها الثالثة فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها ، فكبر وكبر المسلمون ، فسئل عن ذلك ، فقال : «ضربت الأولى فأضاءت لي قصور الحيرة ومدائن كسرى ، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، ثم ضربت الثانية فأضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم ، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، ثم ضربت الثالثة فأضاءت لي قصور صنعاء ، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها» ، فقال المنافقون : ألا تعجبون يحدّثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل ، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تبرزوا ، فنزل القرآن : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (١٢) (٢).
وأخرج جويبر عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في متعب بن قشير الأنصاري وهو صاحب هذه المقالة.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي أيضا عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما قال : قال متعب بن قشير : كان محمد يرى أن يأكل من كنوز كسرى وقيصر
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٧٠.
(٢) دلائل النبوة للبيهقي ، ج ٣ / ٤١٩ ـ ٤٢٠.