قال : ولم؟ قالوا : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة ، فرجع إليه فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال : والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني. فلما أن دخل الحارث على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «منعت الزكاة وأردت قتل رسولي». قال : لا والذي بعثك ، ما رأيت رسولك ، ولا أتاني ، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك ، خشية أن يكون سخط من الله ورسوله. فنزلت في الحجرات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٦) إلى قوله تعالى : (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٨) [سورة الحجرات ، الآية : ٨] (١).
الآية : ٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا).
عن معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أنس قال : قلت : يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فانطلق إليه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إليك عني ، فو الله لقد آذاني نتن حمارك. فقال رجل من الأنصار : لحمار رسول الله صلىاللهعليهوسلم أطيب ريحا منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، وكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال. فبلغنا أنه أنزلت فيهم : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (٢).
الآية : ١١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ).
نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك أنه كان في أذنه وقر ، فكان إذا أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول ، فجاء يوما وقد أخذ الناس مجالسهم ، فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول : تفسحوا تفسحوا. فقال له
__________________
(١) مسند أحمد ، ج ٤ / ٢٧٩ ، والمعجم الكبير للطبراني ، ج ٣ / ٢٧٤ ، ومجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٠٩ ، وقال : رجال أحمد ثقات.
(٢) النيسابوري ٣٢٤ ، والسيوطي ، ٢٧٠ ـ ٢٧١ ، ورواه البخاري في صحيحه : أول كتاب الصلح ، باب : ما جاء في الإصلاح بين الناس ، رقم : ٢٥٤٥ ، ومسلم في صحيحه : الجهاد والسير ، باب : في دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم وصبره على أذى المنافقين ، رقم : ١٧٩٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢١١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦.