قدد ، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في ناس من الأنصار ، كانوا إذا أهلّوا لمناة في الجاهلية لم يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما قدموا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في الحج ذكروا ذلك له ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وقال أنس بن مالك : كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة ، لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية ، فتركناه في الإسلام ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عمرو بن الحسين : سألت ابن عمر عن هذه الآية ، فقال : انطلق إلى ابن عباس فسله ، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم. فأتيته فسألته ، فقال : كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له : إساف ، وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى : نائلة ، زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة ، فمسخهما الله تعالى حجرين ، ووضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما ، فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى ، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوا الوثنين ، فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال السدي : كان في الجاهلية تعزف الشياطين بالليل بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهة ، فلما ظهر الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله ، لا نطوف بين الصفا والمروة ، فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
عن إسماعيل بن زكريا ، عن عاصم ، عن أنس بن مالك قال : كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة ، وكانا من شعار الجاهلية ، وكنا نتقي الطواف بهما ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ١ / ١٩٨ ـ ٢٠٠ ، والقرطبي ، ج ٢ / ١٧٨ ـ ١٨٤ ، ورواه البخاري : التفسير / البقرة ، باب قوله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ...) ، رقم : ٤٢٢٥.
(٢) رواه مسلم : الحج ، باب : بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الجمع إلا به. [أهلوا : أحرموا ورفعوا صوتهم بإحرامهم ملبين بحج أو عمرة]. وأخرج هذه الروايات النيسابوري ، ٣٧ ـ ٣٨ ، والسيوطي ٢١.
(٣) المستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٢٧١ ، وصححه وأقرّه الذهبي.