(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ). انه خطاب يهز كل ذرة من كيان الانسان حين يكون مستيقظا. وحين يبلغ لقلب الانسان هذا النداء. المرعب والتأنيب المزعج. فالرب العظيم يوجه العتاب لهذا العبد الضعيف الآبق المتمرد على مولاه. (الَّذِي خَلَقَكَ .. فَعَدَلَكَ) على أحسن صور جميلة ركبك فهلا شكرته على ذلك وهلا تقويت بنعمه على طاعته. أم فعلت بالعكس شخرت ونخرت وقلت لا خبر جاء ولا وحي نزل (انما هي حياتنا الدنيا) فلا حساب ولا رجوع.
(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) كلا كلمة ردع وزجر عما هم فيه. تكذبون بالحساب والمطالبة والجزاء. وهذه هي علة غروركم وعلة تقصيركم وتسويفكم حتى أتاكم اليقين.
(تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) وانتم صائرون اليه وترون في كل يوم من يموت. ولا تفكرون الى أين يذهبون وعما يسئلون فهلا فكرتم في مصيركم كما فكرتم في دنياكم وعملتم لهما معا (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) هؤلاء المراقبون لهذا الانسان يحصون عليه كل فعل وعمل وقول ونفس وما يضمره في قلبه. وما يخفيه في ضميره هلا فكر في هذا اليوم.(هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ـ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) ان هذا القرآن ليستجيش في القلب البشري أرفع المشاعر باقرار هذه الحقيقة الضرورية. (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) هذا مصيرهم بالتأكيد. وعاقبة أمرهم الفوز والسعادة والنعيم.
(وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) فيا له من مصير. ويا له من منتهى عذاب دائم وعقاب لا يزول. (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) فهو العجز الطبيعي. وهو الشلل الذي لا يزول ولا يبرى (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) يتفرد الخالق العظيم في هذا اليوم العصيب فلا أحد يملك معه شيئا.