فان مجرد الظن بالبعث لذلك اليوم العظيم. يوم يقوم الناس متجردين. ليس لهم شفيع ولا نصير. فمجرد الظن لذلك اليوم كان يكفي لصدهم عن البعد عن أسباب ما يوقعهم في مصائبه وأهواله ، وشدة عذابه فيعدلون عن التطفيف للكيل والبخس للميزان. تجنبا لما يترتب عليه من الضرر الهائل.
(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) فالقرآن يردعهم ويزجرهم ، ويؤكد لهم احصاء أعمالهم بكاملها ويحدد لهم موضع هذا الكتاب انه في سجين مع أصحابه المطففين. والفجار هم كل من تجاوز حدود قانون الله تعالى الذي يحذر منه فيقول (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) (انه (كِتابٌ مَرْقُومٌ) مفروغ منه لا يزاد فيه ولا ينقص منه. حتى يعرض اليوم العظيم.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يكذبون بيوم الدين. فسيلاقي المكذب جزاءه وعذابه.
(بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي أصبح عليها غطاء يمنعها من الاحساس والتلقي لما خلقت له من كثرة ارتكاب الجرائم التي تسود القلوب فتعطلها وتلقى عليها غشاء.
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) لقد حجبت المعاصي قلوبهم عن الاحساس بربها في الدنيا وبذلك استحقوا الحجب أيضا في الآخرة.
(مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى. فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) وهذا الحجاب عن ربهم عذاب يحول بينهم وبين استحقاقهم لرحمة الله ومغفرته.
(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ