بحجتها ولا تنماسك باسلوبها. واذا نظرت الى كتب العهدين ، وما فيها من تضارب وتناقض تجلت لك حقيقة الامر ، وبان لك الحق من الباطل.
ج ـ القرآن في نظامه وتشريعه
يبدو لكل متتبع للتاريخ ما كانت عليه الامم قبل الاسلام ، وما وصلت اليه من الانحطاط في معارفهم وأخلاقهم. فكانت الهمجية سائدة عليهم ، والغارات متواصلة فيما بينهم ، والقلوب متجهة الى النهب والغنيمة ، والخطى مسرعة الى اصلاء نيران الحروب والمعارك. وكان للعرب القسم الوافر من خرافات العقيدة ، ووحشية السلوك ، فلا دين يجمعهم ، ولا نظام يربطهم. وعادات الاباء تذهب بهم يمينا وشمالا. وكان الوثنيون في بلاد العرب هم السواد الأعظم ، فكانت لهم ـ باختلاف قبائهم واسرهم ـ آلهة يعبدونها ـ ويتخذونها شفعاء الى الله وشاع بينهم الاستقسام بالانصاب والازلام ، واللعب بالميسر ، حين كان الميسر من مفاخرهم ، وكان من عاداتهم التزويج بنساء الآباء ، ولهم عادة أخرى هي أفظع منها ـ وهي وأد البنات ـ دفنهن في حال الحياة.
هذه بعض عادات العرب في جاهليتهم. وحين بزغ نور محمد صلىاللهعليهوآله وأشرقت شمس الاسلام في مكة ، تنوروا بالمعارف ، وتخلقوا بمكارم الاخلاق ، فاستبدلوا التوحيد بالوثنية ، والعلم بالجهل ، والفضائل بالرذائل ، والاخاء والتآلف بالشقاق والتخالف ، فأصبحوا أمة وثيقة العرى مدت جناح ملكها على العالم ، ورفعت أعلام الحضارة في أقطار الارض وأرجائها. قال الدوري «وبعد هذا ظهور الذي جمع قبائل العرب أمة واحدة ، تقصد مقصدا واحدا ظهرت للعيان أمة كبيرة ، مدت جناح ملكها من نهر تاج اسبانيا الى نهر الجناح في الهند ، ورفعت على منار الاشادة أعلام التمدن في أقطار الارض ، أيام كانت