اوربا مظلمة بجهالات أهلها في القرون المتوسطة. ثم قال : انهم كانوا في القرون المتوسطة بالعلوم من بين سائر الامم ، وانقشعت بسببهم سحائب البربرية التي امتدت على اوربا حين اختل نظامها بفتوحات المتوحشين.
نعم ان جميع ذلك كان بفضل تعاليم كتاب الله الكريم الذي فاق جميع الصحف السماوية ، فان القرآن في أنظمته وتعاليمه يتمشى مع البراهين الواضحة ، وحكم العقل السليم ، فقد سلك سبيل العدل ، وتجنب عن طرفي الافراط والتفريط.
د ـ القرآن والاتقان في المعاني
تعرض القرآن الكريم لمواضيع كثيرة العدد ، متباعدة الأغراض من الالهيات والمعارف ، وبدء الخلق والمعاد ، وما وراء الطبيعة من الروح والملك وابليس والجن ، والفلكيات ، والارض ، والتاريخ ، وشؤون فريق من الأنبياء الماضين ، وما جرى بينهم وبين أممهم ، وللامثال واحتجاجات والاخلاقيات ، والحقوق العائلية ، والسياسات المدنية ، والنظم الاجتماعية والحربية ، والقضاء والقدر ، والكسب والاختيار ، والعبادات والمعاملات والنكاح والطلاق ، والفرائض ، والحدود والقصاص وغير ذلك. وقد اتى في جميع ذلك بالحقائق الراهنة ، التي لا يتطرق اليها الفساد والنفد في أية جهة من جهاتها ، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، وهذا شيء يمتنع وقوعه عادة من البشر ـ ولا سيما ممن نشأ بين أمة جاهلية لا نصيب لها من المعارف ، ولا غيرها من العلوم ولذلك نجد كل من الف في علم من العلوم النظرية ، لا تمضي على مؤلفه بطلان كثير من آرائه ، فان العلوم النظرية كلما ازداد البحث فيها وكثر ، ازدادت الحقائق فيها وضوحا ، وظهر للمتأخر خلاف ما أثبته المتقدم ، والحقيقة ـ كما يقولون ـ بنت البحث ، وكم ترك الأول للآخر. ولهذا