البلد حرمة. وتزيده شرفا وعظمة. وهي ايماءة ذات دلالة عميقة في هذا المقام. والمشركون يستحلون حرمة البيت. فيؤذون النبي ومن تبعه من المؤمنين.
وحين يقسم الله سبحانه بالبلد والقيم به. فانه يخلع عليه عظمة وحرمة فوق حرمته.
(ثم أقسم بوالد وما ولد ليلفت نظرنا الى رفعة قدر هذا الطور من أطوار الوجود. ـ وهو طور التوالد ـ والى ما فيه من بالغ الحكمة واتقان الصنع. والتدبير في استمرار الحياة.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) أي في مكابدة ومشقة. وجهد وكدّ. فالخلية الاولى تبدأ في كدّ. وما تزال كذلك حتى تنتهي الى المخرج فتذوق من المخاض ، ما تذوق ، وما يكاد الجنين يرى النور حتى يكون في عناء في كل خطوة يخطوها. وكل حركة فهو في كبد. ثم بروز الاسنان له في عناء. وهكذا يصحبه العناء والكد في جميع مراحله وتطوراته. حتى بعد بلوغه الى موته.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) بعد قطع هذه المراحل العديدة من تطوراته ينسى كل شيء من عناية خالقه الذي أوجده وتعهده في هذه المراحل ونقله في هذه التطورات العديدة.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) لقد نسي الذي أوجده. والعين الالهية التي ترعاه وتحفظه وتعينه في تقلباته وكأنما ينسى هذا الانسان هذه الحقيقة. ويحسب أنه في خفاء عن رقابة خالقه ومالكه ويحسب أنه متروك لهواه وشهواته. يلعب ويلهو كلما طالب له اللعب واللهو.
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ، وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) ان الانسان يغتر بقوته. والله هو المنعم عليه بهذه القوة. ويضن بالمال. والله هو الذي أنعم عليه