بهذا المال. وقد جعل له من الحواس ما يهديه في عالم المحسوسات. وما يعينه على مصالح الحياة. وما يقويه على طاعة مولاه. وما يعرفه خالقه ورازقه. وما يلزمه بمعرفة ما يؤول به منتهاه.
فجعل له عينين ولسانا وشفتين يشهدون عليه فيما استعملهم به وما تقوى بهم عليه من طاعة أو عصيان ، من خير أو شر. من هدى أو ضلال. والحساب غدا قريبا.
وهذه الآية تكشف عن حقيقة الطبيعة الانسانية ، كما أنها تمثل قاعدة (النظرة النفسية الاسلامية) هي والايات الاخرى مثل قوله : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) ..
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ...) هذه العقبة التي يقتحمها الانسان ـ الا من استعان بالايمان ـ هي العقبة التي يجوز الانسان الى الجنة. فالتقي يجوزها بكل راحة وسرعة. والشقي يسقط عنها في مهاوي جهنم وحريقها المضرم. وقد ورد الى ما يشير الى ذلك عن أمير المؤمنين (ع)
(يا بني ان أمامك عقبة كؤود. لا يجوزها الا المخفون. فاذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك الى معادك. فأكثر من تزويده وانت قادر عليك. فيوافيك به فيما تكون في أشد الحاجة اليه. وربما يأتيك يوم وأنت غير قادر ...) كما في النهج.
(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ..) المسغبة المجاعة. والمقربة القريب بالنسب والمتربة الجائع المتهالك. وهذا العمل هو الذي يشير اليه امير المؤمنين في وصيته لولد الحسن (ع) ..
(والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشئمة) وهم أصحاب المعاصي والجرائم حتى ولو كانوا مسلمين فالمتقي له الجنة. وما سواه له النار مهما كان وكيفما كان.