(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا. إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى. إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) سورة طه آية ٦٢ ـ ٧٣
فقبل التحدي موسى منهم ، وترك لهم فرصة البدء ، واستبقى لنفسه الكلمة الاخيرة ، ولكن ماذا جرى : انه لسحر عظيم فيما يبدو للناظرين وحركة مفاجئة ، ماجة منها القلوب :
«فاذا حبالهم وعصيهم يخيل اليه انها تسعى»
قلنا : لا تخف انك أنت الاعلى. ان الحق لمعك. ومعهم الباطل. ومعك العقيدة الصحيحة ، ومعهم الحرف والتموية. ومعك الايمان والصدق. ومعهم الطمع بجائرة فرعون والرغبة بالمباراة ، وأنت متصل بالقوة الكبرى. وهم يخدمون مخلوقا ضعيفا واهنا وان كان يظنه الجاهلون جبارا عتيا.
قلنا : لا تخف والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا فهو سحر من تدبير ساحر مشعبث. والساحر لا يفلح أنى ذهب وفي أي طريق سار. لانه يتبع تخييلا ويصنع تخييلا ، ولا يعتمد على حقيقة ثابتة. شأنه شأن كل مبطل أمام القائم على الحق. المعتمد على الصدق. وقد يبدو باطله ضخما فخما مخيفا. لمن يغفل عن قوة الحق الهائلة التي لا تتبختر ولا تتطاول الا بالواقع والصواب. وهي تدفع الباطل في نهاية المطاف. فاذا هو زاهق وتلقفه وتطويه.
وفعلا فقد ألقى موسى (ع) عصاه. وتلقفت ما صنعوا ووقعت المفاجأة الكبرى. والسياق يصور لنا ضخامة المفاجأة. وعظمة وقعها في نفوس السحرة الذين جاءوا للمباراة وهم يأملون الفوز وكان بعضهم ، يحمّس بعضا ، ويدفع بعضهم بعضا الى التسابق وكأنهم يحققون الجائزة من فرعون.