الاحشاء والاوصال ولا تفرق بين انسان يقرع بالحجة. وحيوان يقرع بالناب. ولكنه قد فات الاوان. وكانت اللمسة الايمانية قد وصلت الى الذرة الصغيرة ـ في القلب فاستضاء. وأصابت مصدرها الهائل فاتسع وانشرح. فاذا هي قوة قويمة. واذا القوى الارضية كلها ضئيلة ضئيلة واذا الحياة الأرضية كلها زهيدة في نظر أهل الايمان. وكانت قد تفتحت لهذه القلوب آفاق مشرقة لا تبالي أن تنظر بعدها الى الارض وما بها من عرض زائل. ولا الى حياة الارض وما فيها من متاع تافه. ولذا ترى أرباب هذه القلوب قد أسرعت الى الاجهار بالحق المبين وليست مبالية بكل ما يجري أو يصير قائلة بكل اطمئنان ورزانة لمخاطبة الجبار العاتي :
(لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ ، وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ. إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ)
يالها من لمسة فياحة منعشة قد ملأت القلوب ايمانا ، منذ أول لحظة أضاء لها نور الايمان وازدرت بفرعون ، وما يملك من هذه الحياة. ورأت التقرب من خالقها مغنما يجب أن يتسابق اليه المتسابقون ، ويعمل لأجل نيله العالمون. فاذا هي بعد لحظة تواجهه في قوة ايمان ويقين وترخص في نظرتها مملكة فرعون وزخرفه وجاهه وسلطانه ، فأجابته غير خائفة ولا هيابة :
(إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)
فسلطانك ـ يا فرعون ـ مقيد بهذه الدنيا ومالك من سلطان الا على أبداننا ان أراد بذلك خالقنا ومالكنا. وما أهون هذه الحياة الفانية عند الحياة الابدية ، الخالدة التي لا تزول. وكل ما يخشى من عقابك وعذابك ، أيسر من أن يخشاه قلب قد اتصل بخالقه وتحققت لديه الحياة الخالدة أبدا ... والهم السحرة الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى أن يقفوا من الطاغية ، الذي يهددهم بالعذاب والنكال ، موقف المعلم المستعلي على من دونه قائلين :