شاهد عليها من أشعار العرب (١). والكتاب يحوي ٢٧٧ سؤالا من نافع وزميله وإجابة ابن عباس عنها. وكثرة هذا العدد من الأسئلة والإجابة عنها بالطريقة المذكوره في مقدمة الكتاب تثير بعض الشك في صحة نسبة كل ما ورد فيه لابن عباس.
لأنه على يقيننا بثقافة ابن عباس اللغوية وسعة اطلاعه وحفظه للشعر العربي ، فإن هذا العدد من الأسئلة يجلب الشك في صحة ورودها كلها من نافع وزميله. كما أن الكيفية التي ألقيت فيها الأسئلة تلقي ظلالا من الشك أيضا. فقد ورد في مقدمة الكتاب «بينما عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد أسدل رجله في حوض زمزم ، إذ الناس قد اكتنفوه من كل ناحية يسألونه عن تفسير القرآن وعن الحلال والحرام. وإذا هو لا يتعايى بشيء يسألونه عنه ، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عريم. قم بنا إلى هذا الذي يجترىء على تفسير القرآن والفتيا بما لا علم له به فقاما إليه» (٢).
ألا تجد معي أن هذه الكيفية في إلقاء الأسئلة الكثيرة كان من المفروض أن تغري الآخرين ممن اكتنفوا ابن عباس وأن يدلوا بدلوهم ويسألونه عمّا بدا لهم من غريب. أم أن هذا الوقت قد احتكره ابن الأزرق وزميله؟!.
٤ ـ كتاب جمع فيه الفيروزآبادي ما عثر عليه من تفسيرات لمفردات القرآن وأسماه تنوير المقياس في تفسير ابن عباس (٣). وبذلك يكون الفيروزآبادي هو صاحب الكتاب وليس ابن عباس. وما يدرينا لو عرض هذا الكتاب عليه لحذف منه الكثير لأن ما يعده الفيروزآبادي غريبا ليس بالضرورة يوافقه في ذلك ابن عباس ، لما قلناه في الفصل الأول من أن الغرابة شيء نسبي. والذي يعنينا ما يجعله ابن عباس غريبا لا ما يجعله الفيروزآبادي مما جاء في تفسير ابن عباس لبعض الآيات غريبا.
وبناء على ما تقدم لا أستطيع أن أجعل ابن عباس رحمهالله في أول قائمة من صنف في غريب القرآن كتابا مستقلا كاملا. على الرغم من يقيني التام بأن له تفسيرات كثيرة للألفاظ الغريبة في القرآن الكريم وقد اعتمد عليها من جاء بعده.
__________________
(١) انظر ذلك مفصلا في كتاب سؤالات نافع بن الأزرق ٨ وما بعدها.
(٢) سؤالات نافع بن الأزرق ٨.
(٣) طبع الكتاب عدة طبعات انظر ذلك في تاريخ التراث العربي ١ / ١٨٢.