ثمّ إنّه قد يتوهّم أنّ النّزاع في هذه المسألة الاصوليّة مبتن على النّزاع المعروف في المسألة الفلسفيّة ، وهو أنّ الأصل ، هل هو الوجود أو الماهيّة؟ بدعوى ، أنّه لو قلنا : بأصالة الوجود ، فالاجتماع ممتنع ؛ إذ على هذا القول لا أثر للماهيّة في الخارج ، بل الأثر إنّما يترتّب على الوجود ، وحيث إنّه واحد في مورد الاجتماع يستحيل كونه مأمورا به ومنهيّا عنه معا.
وأمّا لو قلنا : بأصالة الماهيّة ، فالاجتماع جائز ؛ إذ على هذا القول يترتّب الأثر على الماهيّة في الخارج ، والمفروض ، أنّها متعدّدة في مورد الاجتماع ، فلا يلزم حينئذ ما تقدّم من الاستحالة.
وفيه : أوّلا : أنّ الوجود ـ أيضا ـ متعدّد باعتبار تعدّد مراتبه من الشّدّة والضّعف ، وعليه ، فلا يلزم المحال من القول بالجواز حتّى على القول بأصالة الوجود.
وثانيا : أنّه لو فرض وحدة الوجود لكانت الماهيّة ـ أيضا ـ واحدة ؛ وذلك ، لما ثبت في محلّه ، من أنّ الماهيّة حدّ للوجود ، ومقتضاه استحالة تعدّد الحدّ مع وحدة المحدود ، كما هو واضح.
وعليه : فيلزم المحال حتّى على القول بأصالة الماهيّة.
وبالجملة : لا وجه للتّفصيل بين القولين ، بل كلاهما على السّواء في الجواز ، أو الامتناع.
الأمر التّاسع : لا إشكال ولا كلام في عدم اعتبار قيد المندوحة ؛ بناء على كون النّزاع صغرويّا ، وهو أنّ تعدّد الوجه مجد ، أو لا ؛ وذلك ، لأنّه لو كان مجديا رافعا لقائلة اجتماع الضّدّين ، لجاز الأمر والنّهي معا ، بلا فرق بين أن يكون هناك مندوحة ،