عمله حينئذ ؛ وذلك ، لأنّ الماء المغصوب ممنوع منه شرعا ، والممنوع الشّرعيّ ـ أيضا ـ كالممنوع العقليّ ، فيصير المكلّف حينئذ فاقدا للماء ، فيسقط الأمر بالوضوء في حقّه وينتقل وظيفته إلى التّيمّم بمقتضى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً.)(١)
هذا ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في أنّه ، هل يحكم ببطلان العمل مطلقا ، من غير فرق بين العامّ والجاهل والنّاسي بالغصب ، أم يختصّ بالعامّ والجاهل المقصّر ، دون النّاسي والجاهل القاصر ، أم يفصّل؟ وجوه ، واحتمالات :
ذهب بعض الأعاظم قدسسره إلى التّفصيل بين الجهل القصوري ، فحكم ببطلان الوضوء أو الغسل ، وبين النّسيان كذلك ، فحكم بصحّتها وأفاد في وجه ذلك ، ما حاصله : أنّ النّسيان رافع للتّكليف واقعا ، فلا يكون النّاسي مكلّفا في الواقع ، وعليه ، فترتفع حرمة التّصرّف في الماء المغصوب واقعا ، ومعه لا مانع من الحكم بصحّة الوضوء أو الغسل إذا كان النّسيان عن قصور ، لشمول إطلاق دليل وجوب الوضوء أو الغسل ، بخلاف الجهل ، فإنّه رافع للتّكليف ظاهرا ، فيكون الجاهل مكلّفا في الواقع. (٢)
هذا ، ولكنّ الحقّ عدم صحّة الوضوء ، أو الغسل في فرض الكلام مطلقا حتّى حال الجهل القصوري أو النّسيان كذلك ، والوجه فيه ، هو أنّ وجوب كلّ من الوضوء ، أو الغسل مقيّد بوجدان الماء ، ومن المعلوم : أنّ هذا التّقييد أمر واقعي
__________________
(١) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٤ ، ص ٢٩٦.