اللهمّ إلّا أن يقال : بأنّ المبادي الأحكاميّة متكفّلة للبحث عن لوازم وجوب الشّيء ، كما عن المحقّق العراقي قدسسره (١) فحينئذ يدخل المقام فيها ؛ إذ يبحث فيه ، أنّه هل من لوازم الوجوب هو حرمة ضدّه ، أم لا؟
فتحصّل : أنّ المسألة في مورد البحث تكون من المسائل الاصوليّة العقليّة.
أمّا الاصوليّة ، فلأجل وقوعها في طريق استنباط الأحكام.
أمّا العقليّة ، فلما عرفت : من أنّ البحث في المقام إنّما هو في ثبوت الملازمة بين الوجوب وحرمة ضدّه ، وواضح ، أنّ الحاكم بالملازمة وجودا وعدما هو العقل.
الثّالث : هل المراد من الاقتضاء المستفاد من عنوان المسألة هو الثّبوتيّ الواقعيّ ؛ أو الإثباتيّ الدّلاليّ؟ وجهان : ربما يظهر الثّاني من المحقّق النّائيني قدسسره (٢) حيث إنّه قال : بتعميم الاقتضاء ؛ لكونه على نحو العينيّة ، أو التّضمّن ، أو الالتزام بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ ؛ معلّلا بأنّ لكلّ هذه الدّلالات الثّلاث وجها ، بل قائلا.
ولكنّ الحقّ هو الأوّل ؛ لما أشرنا آنفا : من أنّ المسألة تكون عقليّة ، بحيث يدور حرمة الضّدّ وعدمه على الملازمة بين الأمر بالشّيء والنّهي عن ضدّه وجودا وعدما ، لا على إحدى الدّلالات الوضعيّة اللّفظيّة.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث استشكل على المحقّق النّائيني قدسسره بقوله : «وكذا في الجمع بين كون المسألة عقليّة ، وبين ذلك التّعميم تهافت ؛ لأنّ التّعميم لأجل إدخال مذهب القائل بإحدى الدّلالات اللّفظيّة». (٣)
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ٣٥٩.
(٢) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٢٥١ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ٣٠١.
(٣) مناهج الوصول : ج ٢ ، ص ٨.