الغيريّة والتّخييريّة والكفائيّة ، وتلك القيود ـ أيضا ـ كالقيود في المقابلات تحتاج إلى بيان ، إلّا أنّ البيان فيها هي مقدّمات الحكمة بلا حاجة إلى مئونة زائدة ، بخلاف القيود في المقابلات ؛ ومن هنا يظهر الفرق بين الطّلب وأقسامه ، كما يظهر الفرق بين كلّ واحد من الأقسام.
هذا بالنّسبة إلى حال المقيس عليه (الوجوب النّفسي والغيري) فكذلك حال المقيس (الشّرط) ، حيث إنّ كلّ واحد من القيود المستقلّة والمنحصرة وغيرهما محتاج إلى بيان ، إلّا أن مقدّمات الحكمة كاف في إثبات قيد الاستقلال والانحصار ، بخلاف ما يقابله.
فتحصّل : أنّ هذه الأجوبة لردّ إثبات العلّيّة المنحصرة بالإطلاق المذكور مردودة ، والجواب الصّحيح هو أن يقال : إنّ الأحكام الشّرعيّة إنّما تستفاد من القضايا حسب الأنظار العرفيّة ، لا الدّقيّة الفلسفيّة ، وعليه ، فلا حاجة في تحقّق المفهوم بذلك الإطلاق إلى إثبات العلّيّة الفلسفيّة ، فضلا عن انحصارها ، بل لو انعقد الإطلاق بجريان مقدّمات الحكمة يكشف عرفا عن الانحصار مضافا إلى الاستقلال ، وهذا كاف في تحقّق المفهوم. (١)
تقريب ذلك : هو أنّ العرف قاض بأنّ التّعليق لو لم يستقلّ لكان اللّازم أن يبيّن المولى ما يكمّله ويتمّه بمعونة كلمة : «الواو» بأن يقول : إن كذا وإن كذا ، فيستكشف من إطلاق «الواوي» كون التّعليق مستقلّا ، وكذا لو لم ينحصر لكان اللّازم أن يبيّن ما يكون بديله وعدله بمعونة كلمة : «الأو» بأن يقول : «إن كذا أو إن كذا»
__________________
(١) نعم ، هذا الإطلاق وأمثاله في غاية النّدرة ومن باب الاتّفاق.