ذلك ما محصّله : أنّ الإطلاق إنّما يحصل من مقدّمات الحكمة وهي لا تجري إلّا في المجعولات الشّرعيّة الّتي تنالها يد الجعل نفيا وإثباتا ، وحيث إنّ العلّيّة والسّببيّة المنحصرة أو غيرها ليست كذلك ، فلا تجري فيها مقدّمات الحكمة حتّى ينعقد الإطلاق ، وعليه ، فلا مجال للتّمسّك بالإطلاق في ناحية الشّرط والسّبب بخلاف الجزاء والمسبّب ، فإنّه مجعول على تقدير وجود سببه ، فتجري مقدّمات الحكمة فيه من حيث عدم تقييده بشرط آخر عدا ما في القضيّة ، لا على نحو الاشتراك ، ولا على نحو الاستقلال ، ومقتضاه ، أنّ الجزاء مترتّب على ذلك الشّرط فقط من دون أن يشاركه شرط آخر ، أو ينوب عنه ، ومن المعلوم : أنّ هذا لا ينتج إلّا الانتفاء عند الانتفاء. (١)
هذا ، ولكن قد اورد عليه بوجوه لا حاجة بنا إلى ذكرها ، والعمدة في الإيراد عليه ما أشرنا إليه آنفا ، من عدم المجال في أمثال المقام للتّمسّك بالاصول الفلسفيّة والمباحث الدّقيّة العقليّة ، ولا ملزم لنا لخلط اصول الفقه بالفلسفة وخلط التّشريع بالتّكوين ، كما أشار إليه الإمام الرّاحل قدسسره بقوله : «إنّ طريق استفادة الأحكام من القضايا هو الاستظهارات العرفيّة لا الدّقائق الفلسفيّة». (٢)
وعليه ، فمجرّد كون الشّرط أو أداته خال عن التّقييد الواوي ، أو الأوي ، كاف عرفا في استظهار الانتفاء عند الانتفاء وهو المفهوم ، ولا يحتاج ذلك إلى إثبات كون الشّرط أو أداته علّة لما يترتّب عليه من الجزاء ، فضلا عن إثبات انحصار العلّيّة كي يقال : بعدم كون العلّيّة وانحصارها ممّا لا تنالها يد الجعل.
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤٨٣ و ٤٨٤.
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٤٣.