ومنها : ما عن المحقّق النّائيني قدسسره توضيحه : أنّ تعلّق الطّلب بصرف الوجود من طبيعة الجزاء ، كالوضوء ـ مثلا ـ وإن كان من المداليل اللّفظيّة بعد إثبات كون متعلّق الأمر نفس الطّبيعة المشتركة بين التّكرار والمرّة ، لا خصوص هذه ولا ذاك ، وصرف الشّيء لا يتثنّى ولا يتكرّر ، إلّا أنّ ذلك (عدم القابليّة للتّكرار) لا يكون مستندا إلى ظهور لفظيّ حتّى يعارض ظهور الشّرطيّة ، بل مستند إلى حكم العقل بعدم إمكان تكرار صرف الشّيء ، وأنّ المطلوب الواحد إذا امتثل مرّة ، امتنع امتثاله ثانيا ومرّة اخرى ، فحكم العقل موضوعه صرف الشّيء والمطلوب الواحد ، والجملة الشّرطيّة ظاهرة في تأثير كلّ شرط أثرا غير أثر الشّرط الأوّل ، ومعناه ظهور الشّرطيّة في تعدّد المطلوب وأنّ متعلّق الطّلب لا يكون صرفا وواحدا ، وهذا الظّهور اللّفظي رافع لموضوع حكم العقل حقيقتا ، فلا يعارضه حكم العقل أصلا. (١)
وفيه ما مرّ : من أنّ ظهور الجزاء في الاكتفاء بواحد ـ أيضا ـ إطلاقيّ ، كظهور الشّرط في التّعدّد ، لا أنّه مستند إلى حكم العقل ، وعليه ، فلا مرجّح لتقديم إطلاق الشّرط عليه ، والعجب أنّه قدسسره بعد الاعتراف باستناد الشّرط والجزاء إلى الإطلاق ، مع ذلك قائل بترجيح أحد الإطلاقين على الآخر ، واليك نصّ كلامه : «وثانيا ، أنّ ظهوره في عدم التّكرار بالإطلاق وعدم موجب التّعدّد ، ويكفي ظهور الشّرطين في بيان موجب التّعدّد». (٢)
فتحصّل : أنّ الحقّ في المسألة عدم التّداخل ، والدّليل عليه ليس إلّا الأمر العرفي الّذي نبّه عليه المحقّق الخراساني قدسسره كما عرفت ، وأمّا سائر الأدلّة المتقدّمة الّتي
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٤٩٧.
(٢) فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٤٩٧.