ولقابليّة المحلّ للتّأثير وقدرة المكلّف على الامتثال وعدم عجزه عنه ، فلا مانع عن التّنجيز ، على أنّ الأسباب الشّرعيّة حالها حال الأسباب العقليّة ، فيتعدّد اشتغال الذّمّة الّذي هو مسبّب شرعيّ بتعدّد أسبابه ، كتعدّد المسبب التّكويني بتعدّد أسبابه. (١)
هذا ، ولكن يورد عليه ، بأنّ دليل تعدّد الاشتغال بتعدّد الشّرط إنّما هو إطلاق الشّرط لا غير ، وهو معارض بإطلاق الجزاء المقتضي للاجتزاء بواحد ، على أنّ قياس التّشريع بالتّكوين ، لا يساعده الدّرك السّديد المتين.
ومنها : ما عن المحقّق الأصفهاني قدسسره من «اقتضاء أداة الشّرط للسّببيّة المطلقة وأنّ متعلّق الجزاء إنّما يكون نفس الماهيّة المهملة من دون اقتضاء للتّعدّد والوحدة ، ومن المعلوم : عدم التّعارض بين المقتضي واللّامقتضى». (٢)
وفيه : أن الاقتضاء في جانب الشّرط ليس إلّا ظهورا إطلاقيّا ؛ وذلك ، موجود في جانب الجزاء ـ أيضا ـ وعليه ، فيقع التّعارض بين الاقتضاء للتّعدّد في جانب الشّرط ، والاقتضاء للاجتزاء بواحد في جانب الجزاء بلا ترجيح في البين حتّى يقدّم أحدهما على الآخر.
ومنها : أنّ المستفاد من إطلاق دليل الشّرط هو السّببيّة التّامّة لكلّ شرط ، فإذا انضمّ إلى هذا الإطلاق ما حكم به العقل من قاعدة امتناع صدور الواحد من الكثير ، وكذا العكس ، ينتج نفى إطلاق الجزاء وعدم التّداخل.
وفيه ما لا يخفى ، بعد ما عرفت من عدم صحّة قياس التّشريع بالتّكوين.
__________________
(١) راجع ، مصباح الفقيه : كتاب الطّهارة ، ص ١٢٦ ، من منشورات مكتبة الصّدر.
(٢) نهاية الدّراية : ج ٢ ، ص ١٦٩ و ١٧٠.