الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» (١) فإنّ مقتضى قول صاحب الحاشية قدسسره هو أنّ مفهوم الجملة المذكورة الّتي كانت على نحو السّلب الكلّي هو الإيجاب الجزئي وهو «الماء إذا لم يبلغ قدر كرّ ينجّسه شيء من النّجاسات» وأمّا مقتضى قول الشّيخ الأنصاري قدسسره هو أنّ المفهوم في الفرض يكون بنحو الإيجاب الكلّي وهو «الماء إذا لم يبلغ قدر كرّ ينجّسه كلّ شيء من النّجاسات».
والحقّ في المسألة مع صاحب الحاشية قدسسره إذ المتبادر من أمثال هذه الجمل الشّرطيّة هو الإيجاب الجزئي لا الكلّي ، فالمستفاد من منطوق قضية «الماء إذا بلغ قدر كرّ ...» هو أنّ الماء يصل بالكريّة إلى القوّة العاصمة الدّافعة ؛ بحيث لا يؤثّر فيه معها شيء من النّجاسة ، ولا ريب : أنّ مفهومها ـ لو سلّم ـ هو أنّ الماء لو لا الكريّة لا يصل إلى هذه المرتبة من العاصمة الموجبة لعدم الانفعال بمجرّد الملاقاة مع أىّ نجس من النّجاسات المختلفة ، بل ينجّسه حينئذ شيء من النّجاسة ، وهذا لا ينافي عدم تنجّسه بملاقات بعض النّجاسات لجهة اخرى.
وإن شئت ، فقل : إنّ الجملة الشّرطيّة الواردة في الرّوايات تدلّ بمنطوقها على أنّ الكريّة توجب العاصميّة المطلقة وعدم انفعال الماء بملاقاة أيّة نجاسة من النّجاسات ، وتدلّ بمفهومها على أنّه لو لا الكريّة لم يكن للماء عاصميّة مطلقة وعدم الانفعال بالكلّيّة ، وهذا لا ينافي عاصميّته في الجملة وعدم انفعاله بملاقات بعض الأشياء من النّجاسات.
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ ، ٣ ، ٥ و ٦ ، ص ١١٧ و ١١٨.