أمّا المطلق فقد عرفت في الجهة الاولى ، أنّ حقيقة الإطلاق ليست إلّا وقوع نفس الشّيء ، كالطّبيعة ، موضوعا للحكم بلا قيد ومن دون تعرّض للكثرة ، فضلا عن كيفيّتها من استغراق ونحوه.
وإن شئت فقل : إنّ الإطلاق ليس إلّا رفض القيود لا جمعها ، ولا يحرز به إلّا أنّ المراد هو نفس الموضوع له ، وقد أشرنا إلى أنّ الموضوع له لأسماء الأجناس هي نفس الجنس وصرف الطّبيعة المجرّدة عن كلّ قيد حتّى هذا القيد.
أو فقل : إنّ نتيجة الإطلاق ليست إلّا تطابق الإرادة والوضع ، فأراد المتكلّم المستعمل عين ما عيّنه الواضع بعنوان الموضوع له وهي نفس الطّبيعة وصرف الجنس بلا أيّ قيد وأيّة خصوصيّة ، وحينئذ ليس في وسع الإطلاق إثبات العموم وكيفيّته من الاستغراق وقسيميه.
وعليه : فما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) من أنّ قضيّة مقدّمات الحكمة مختلفة ، ففي بعض المقامات تفيد عموما استغراقيّا ، وفى بعضها بدليّا ، وفي الآخر مجموعيّا ، لم أقدر إلى الآن على تحصيله ؛ كيف ، وأنّ مقدّمات الحكمة إنّما تفيد تطابق الإرادة والوضع ، أو تطابق ما وقع تحت حيطة الحكم والموضوع له ، وهذا أمر واحد في جميع الموارد ، لا يختلف بحسب اختلاف المقامات ، إنّما الاختلاف في حكم العقل والعقلاء ، حيث إنّه يختلف باختلاف المسائل والموارد.
ولا يخفى عليك : أنّه أجنبيّ عن باب الألفاظ ومسألة العموم والإطلاق.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٩٥ إلى ٣٩٧.