ورابعا : أنّ الأمر لو كان كذلك ، لزم أن يتكفّل العامّ لحكمين ، أحدهما : الواقعي بالنّسبة إلى الموضوع الواقعي ، ثانيهما : الظّاهري بالنّسبة إلى الفرد المردّد ، مع أنّ هذين الحكمين أمران طوليّان مترتّبان ، لا يجعلان بجعل واحد ، كيف ، وأنّ الحكم الظّاهري متأخّر برتبتين عن الواقعي ، بمعنى : أنّه لا بدّ أوّلا من جعل الحكم ، ثمّ يفرض الشّكّ فيه ، كي يجعل الحكم الظّاهري في مورده.
ومن الواضح : أنّه لو جعلا بجعل واحد ، للزم لحاظ الشّكّ وعدم لحاظه معا ، وهذا كما ترى.
واحتمال كون المجعول بحسب الذّات حكما واحدا وبحسب الإضافة حكما متعدّدا (واقعي بالنّسبة إلى الموضوع الواقعيّ ، ظاهري بالإضافة إلى المشتبه) كما ترى ـ أيضا ـ إذ الحكم بالنّسبة إلى الموضوع ، كالمعلول وكالعرض والوصف ، لا بدّ له من موضوع ثابت معلوم بجميع حدوده وشئونه أوّلا حتّى ينشأ ويجعل ، فالموضوع إمّا واقعيّ أو مشتبه مأخوذ فيه ، والانحلال إلى الواقعيّ والمشتبه كأصل الانحلال لا أساس له ، فمثل : «أكرم كلّ عالم» لا ينحلّ إلى أكرم هذا وذاك وذلك ، ولا إلى الواقعي والمشتبه ، بل الحكم واحد لا يتعدّد بتعدّد المكلفين ولا بتعدّد الموضوعات ، وعليه ، فما ذكر من الاحتمالات لو أمكن ثبوتا لما ساعده الإثبات ، بل ينفيه ، ويكذّبه.
وقد نسب إلى السّيّد اليزدي قدسسره أنّه قال : بجواز التّمسّك بالعامّ في الشّبهة المصداقيّة إذا كان المخصّص منفصلا ، ولعلّ مستند هذه النّسبة هو رأيه الشّريف في بعض الفروع الفقهيّة المذكورة في «العروة الوثقى» فزعموا أنّه قائل بجواز التّمسّك