وفيه : أوّلا : أنّك قد عرفت حقيقة الإطلاق من أنّها عبارة عن رفض القيود لا ضمّها ، فليس في الإطلاق عموم وكثرة ، لا من ناحية الأفراد ، ولا من ناحية الأوضاع والحالات ، وعليه ، فاصطلاح الإطلاق الأحوالي قبال العموم الأفرادي لا أساس له رأسا.
وثانيا : قد عرفت ـ أيضا ـ أنّ المخصّص يوجب اختصاص الحكم بأفراد مخصوصة وهي أفراد العامّ عدا مورد التّخصيص ، ومن المعلوم : أنّ المراد من مورد التّخصيص هو عنوان الفاسق الواقعي ـ سواء احرز فسقه ، أم لم يحرز ـ لا خصوص معلوم الفسق ، وعليه ، فيدور أمر المشكوك ، بين الحجّتين (العامّ والخاصّ) فلا يجوز التّمسّك بواحدة منهما ، كما أشرنا إليه آنفا.
وثالثا : أنّ الأمر لو كان كذلك ، لزم اجتماع الحكمين في موضوع واحد ، فإنّ مقتضى كون الفرد المشتبه مندرجا تحت العامّ هو وجوب إكرامه ولو كان فاسقا واقعا ، ومقتضى الإطلاق الأحوالى في مثل قولنا : «لا تكرم فسّاق العلماء» هو عدم وجوب الإكرام ، بل حرمته لو كان الفرد المشتبه فاسقا واقعا ، وهذا كما ترى.
والقول بأنّ حال الحكم الواقعي النّاشي من قبل الخاصّ مع الحكم النّاشي من قبل العامّ هو حال الأحكام الواقعيّة مع الأحكام المتعلّقة بالشّيء حال الشّكّ ، بأن يكون مشكوك الفسق بما هو مشكوك ، واجب الإكرام ظاهرا ، ومحرّم الإكرام واقعا لو ثبت فسقه الواقعي ، واضح البطلان ، فلم يؤخذ الشّكّ في حكم الخاصّ وهي الحرمة الواقعيّة موضوعا في الدّليل المتكفّل لبيان حكم العامّ بالنّسبة إلى الفرد المشتبه ، بل العامّ كالخاصّ إنّما جاء لبيان الحكم الواقعي.