وهي أفراد العامّ عدا مورد التّخصيص ، ومن هنا يقال : إنّ مرجع حجّيّة الخاصّ وتقديمه على العامّ إلى إلغاء بناء العقلاء على موافقة ظهور العامّ مع الواقع ، ولبّ الإرادة بمقدار الأفراد الخاصّ الواقعيّة ؛ لخروج تلك الأفراد عنه بالتّخصيص واقعا ، والوجه في التّقييد بالواقعيّة واضح ، حيث إنّ الخارج عن عموم «أكرم كلّ عالم» مثلا ، هو الفاسق الواقعي ، سواء احرز فسقه ، أم لم يحرز ، لا خصوص معلوم الفسق حتّى يبقى مشكوك الفسق كالمقطوع عدم فسقه تحت العامّ.
وعليه : فالفرد المشكوك يدور أمره بين اندراجه تحت إحدى الحجّتين (العامّ والخاصّ) ومعه لا يجوز التّمسّك بالعامّ في مورد المشكوك ، كما لا يجوز التّمسّك بالخاصّ فيه بلا كلام ، لعدم بناء العقلاء على التّمسّك بالعامّ إلّا في الشّبهة من ناحية الحكم ، وأمّا رفع الشّبهة عن حال الفرد بتعيين حاله بالعامّ ، فلا». (١)
ثمّ إن للمحقّق النّهاوندي قدسسره تقريبا آخر لجواز التّمسّك بالعامّ في المقام ، حيث قال ما محصّله : إنّ قول القائل : «أكرم العلماء» يدلّ بعمومه الأفرادي على وجوب إكرام كلّ واحد من العلماء ، وبإطلاقه على سراية الحكم إلى كلّ حالة من الحالات الّتي تفرض للموضوع ، ومن جملة حالاته كونه مشكوك الفسق والعدالة ، كما أنّه من جملة حالاته كونه معلوم العدالة أو معلوم الفسق وبقوله : «لا تكرم الفسّاق من العلماء» قد علم خروج معلوم الفسق منه ولا يعلم خروج الباقي ، فمقتضى أصالة العموم والإطلاق بقاء المشكوك. (٢)
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.
(٢) راجع ، تشريح الاصول : ص ٦١.