وقد استدلّ الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) للقول الأوّل ـ كما هو ظاهر كلامه قدسسره ـ بعموم كلّ نجس منجّس ، وأنّ ماء الاستنجاء حيث لا يكون منجّسا فليس بنجس ، وإلّا لزم التّخصيص ـ بأن يقال : كلّ نجس منجّس إلّا ماء الاستنجاء فهو نجس غير منجّس ـ والأصل عدم التّخصيص في جانب العامّ فيثبت التّخصّص ، ومقتضاه طهارة ماء الاستنجاء ، ومن المبرهن في محلّه ، أنّ مثبتات الاصول اللّفظيّة حجّة ، فلا مانع من إثبات لوازمه العقليّة والعاديّة كالشّرعيّة.
أمّا القول الثّاني (عدم إحراز التّخصّص بأصالة عدم التّخصيص) فالوجه فيه هو أنّه لا دليل على حجّيّة أصالة عدم التّخصيص إلّا السّيرة وبناء العقلاء وهو من الأدلّة اللّبيّة ، لا عموم ولا إطلاق لها حتّى يؤخذ به في مثل المقام ، فلا بدّ حينئذ من الاقتصار على القدر المتيقّن وهو ليس إلّا فيما احرز الفرديّة للعامّ موضوعا وشكّ في الخروج منه حكما ، فيتمسّك للعموم لإدراج الفرد المشكوك تحته حكما.
وأمّا العكس بأن احرز خروج الفرد المشكوك من جهة الحكم وشكّ في فرديّته للعامّ وعدمها ، فلا يحرز بناء العقلاء في هذا الفرض على العمل بالعموم وأصالة عدم تخصيص العامّ ، كى يثبت التّخصّص.
فإن شئت ، فقل : إنّ أصالة العموم أو عدم التّخصيص حجّة عند الشّكّ في تخصيص فرد وخروجه عن حكم العامّ بعد إحراز كونه من أفراده موضوعا ، وأمّا إذا احرز خروج فرد عن العامّ حكما ، ولكن شكّ في وجه خروجه بأنّه هل يكون تخصيصا أو تخصّصا؟ فليست حجّيّة أصالة العموم حينئذ بمحرزة ، فلا يجوز التّمسّك
__________________
(١) مطارح الأنظار : ص ١٩٦ ، س ١٥.