بها ؛ وذلك ، لما تقرّر في محلّه ، أنّ هذا الأصل إنّما هو من الاصول المراديّة ، لا يجري إلّا مع الشّكّ في المراد ، فيتعيّن بإجراء الأصل ، وأمّا مع العلم بالمراد والشّكّ في كيفيّة الإرادة وأنّها هل تكون بنحو التّخصيص أو التّخصيص؟ فلا مجال لجريانه في تعيين كيفيّة الإرادة ، وكم له من نظير.
الأمر الثّامن : لو اشتبه الفرد المعلوم خروجه عن حكم العامّ بين الفرد الخارج عنه موضوعا ؛ وبين الفرد الخارج عنه حكما ، فلا مانع من التّمسّك بأصالة العموم لإثبات الخروج الموضوعي ، نظير ما إذا تردّد «زيد» في قولنا : «أكرم كلّ عالم ولا تكرم زيدا» بين «زيد العالم» وهو الخارج عن العامّ حكما ، وبين «زيد الجاهل» وهو الخارج عنه موضوعا ، فيتمسّك هنا بأصالة العموم بالنّسبة إلى «زيد العالم» لإحراز الفرديّة ، وكون الشّكّ في الخروج من حيث الحكم لا الموضوع ، ونتيجة ذلك : هو التّخصّص وأنّ الخارج عن الحكم هو «زيد الجاهل» فيحرم إكرامه ، لا إكرام «زيد العالم» وذلك ، لما اشير آنفا من حجّيّة مثبتات الاصول اللّفظيّة.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «إنّ المجمل المردّد ليس بحجّة بالنّسبة إلى العالم ، ولكنّ العامّ حجّة بلا دافع ، فحينئذ لو كان الخاصّ حكما إلزاميّا كحرمة الإكرام ، يمكن حلّ إجماله بأصالة العموم ، لأنّها حاكمة على أنّ «زيد العالم» يجب إكرامه ، ولازمه عدم حرمة إكرامه ، ولازم ذلك اللّازم حرمة إكرام «زيد الجاهل» بناء على حجّيّة مثبتات الاصول اللّفظيّة». (١)
ثمّ إنّ السّيّد البروجردي قدسسره قد فصّل في المقام ، بين ما إذا كان حكم الخاصّ
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٣٤ و ٣٥.