ترخيصيّا ، فيجب العمل بعموم العامّ ؛ لأنّ العامّ حجّة ما لم ينهض في قباله حجّة أقوى ، والمفروض ، أنّ الفرد المرخّص فيه ، مجمل مردّد ، فلا حجّة في البين قبال العامّ.
وبين ما إذا كان إلزاميّا ، فيقع الإشكال حينئذ من جهتين : الاولى : هل يجب إجراء حكم العامّ على «زيد العالم» أو يكون العلم الإجمالي بحرمة إكرام الفرد المردّد موجبا لإجمال العامّ ـ أيضا ـ؟ الثّانية : هل ينحلّ العلم الإجماليّ بسبب عموم العامّ ويحكم بوجوب إكرام «زيد العالم» وحرمة إكرام «زيد الجاهل» أو لا ينحلّ؟
ثمّ قال قدسسره ـ بعد طرح هذا الإشكال ـ يمكن أن يقال : بحجّيّة العامّ في الفرد العالم ؛ لعدم وجود حجّة أقوى على خلافه ، هذا بالنّسبة إلى الجهة الاولى.
وأمّا بالنّسبة إلى الجهة الثّانية ففي جواز الحكم بانحلال العلم الإجماليّ نظر ، لما عرفت : من أنّ الثّابت من بناء العقلاء إنّما هو الحكم بتطابق الإرادتين فيما ثبت فيه الإرادة الاستعماليّة ، وأمّا تكفّله لنفي فرديّة شيء ، أو إثبات حكم آخر ، فليس ثابتا عند العقلاء. (١)
وفيه : أنّه لا فرق بين الحكم التّرخيصيّ والإلزاميّ ؛ إذ الحكم الخاصّ لو كان إلزاميّا كحرمة الإكرام ، يمكن حلّ إجماله ـ كما عن الإمام الرّاحل قدسسره ـ بأصالة العموم ، لكونها حاكمة بوجوب إكرام «زيد العالم» ولازمه عدم حرمة إكرامه ، ولا ريب : في أنّ مقتضى هذا اللّازم حرمة إكرام «زيد الجاهل» لما عرفت : من أنّ الاصول اللّفظيّة تكون من الأمارات وأنّ مثبتاتها حجّة بلا إشكال ، فتطابق الإرادتين (الاستعماليّة والجدّيّة) في «زيد العالم» بمقتضى بناء العقلاء ، يستدعي وجوب إكرامه ، ولازمه عدم
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٣٠٩.