فالنّهي هنا صوريّ ويكون عبارة اخرى عن الأمر ، لا أنّه نهي حقيقيّ ناش عن مفسدة إلزاميّة كامنة في متعلّقه ، ومن هنا نقول : إنّ الرّوايات النّاهية عن ترك الصّلاة تكون آمرة بفعلها حقيقة ، بمعنى : أنّها وردت للأمر بالصّلاة بلسان النّهي عن تركها.
ونتيجة ذلك : هو أنّه ليس في الصّلاة إلّا تكليف واحد وهو وجوبها لا الوجوب بالنّسبة إلى فعلها ، والحرمة بالنّسبة إلى تركها ـ كما هو مقصود القائل بالعينيّة ـ وإلّا يلزم استحقاق العقابين لتاركها ؛ أحدهما : المترتّب على ترك الواجب ، وثانيهما : المترتّب على فعل الحرام ، وهذا كما ترى.
هذا ، مضافا إلى ما عرفت : من أنّ التّرك أمر عدميّ لا يصلح لتعلّق الحكم به.
وبالجملة : فالعينيّة ممنوعة مطلقا ، ثبوتيّة كانت ، أو إثباتيّة.
أمّا الثّبوتيّة ، فلعدم معقوليّتها.
أمّا الإثباتيّة ، فلأجل أنّها غير مفيدة وإن كانت أمرا معقولا.
أمّا القول بالجزئيّة والتّضمن ، فقد ظهر بطلانه ممّا ذكرنا ، حيث إنّ النّهي عن التّرك ليس جزءا للأمر بالشّيء.
وما يقال في تعريف الوجوب : من أنّه عبارة عن طلب الفعل مع المنع من التّرك ، فليس حدّا له على نحو يكون المنع من التّرك من أجزاء الوجوب ومقوّماته ؛ وذلك ، لأنّ الوجوب ، إمّا إرادة نفسانيّة مبرزة ، فيكون عرضا نفسيّا وكيفا بسيطا ، كما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره. (١) وإمّا حكم عقليّ ، بمعنى : أنّ العقل يحكم بالوجوب
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢١١ ؛ وإليك نصّ كلامه : «والتّحقيق : أنّه لا يكون الوجوب إلّا طلبا بسيطا ومرتبة وحيدة أكيدة من الطّلب ، لا مركّبا من طلبتين ...».