للنّهي عنه ، فعن جماعة (١) نفي الاقتضاء ، وعن جماعة اخرى إثباته مع اختلافهم في كيفيّة الاقتضاء ، فذهب بعضهم إلى أنّ الاقتضاء كان بنحو العينيّة والمطابقة ، وبعض آخر إلى أنّه كان بنحو الجزئيّة والتّضمن ، وثالث إلى أنّه كان بنحو الالتزام ؛ فالمسألة ذات أقوال أربعة :
والحقّ هو القول بعدم الاقتضاء ، كما يظهر وجهه في ردّ باقي الأقوال.
فنقول : أمّا القول بالاقتضاء على نحو العينيّة ، فقد استدلّ له : بأنّ الوجود طارد للعدم ، فطلب إيجاد شيء عين طلب طرد عدمه ، ومعناه : أنّه إذا ورد الأمر بالإزالة ـ مثلا ـ فهو عين النّهي عن ضدّها العامّ وهو تركها ، وإن شئت ، فقل : إنّ هيئة : «أزل» هو عين هيئة : «لا تترك الإزالة».
وفيه : أنّ العينيّة إن اريد بها في مقام الثّبوت ، فهي غير معقولة ؛ إذ كيف يمكن أن يكون الأمر التّابع للمصلحة في المتعلّق عين النّهي التّابع للمفسدة فيه ، وأن يكون الأمر الّذي هو البعث إلى الفعل عين النّهي الّذي هو الرّدع والزّجر عنه ، وأن يكون الأمر الّذي يمتثل بفعل المتعلّق عين النّهي الّذي يمتثل بتركه؟!
وإن اريد بها في مقام الإثبات والدّلالة ، بمعنى : دلالة هيئة : «صلّ» مثلا وهيئة : «لا تترك الصّلاة» على معنى واحد ومراد فارد ، وهو اشتغال ذمّة المكلّف بالصّلاة ووجوبها عليه.
فهي غير مجدية ؛ حيث إنّ هذا المقدار لا يفيد إلّا وجوب الفعل ، غاية الأمر : بتعبير إيجابيّ تارة ، وسلبيّ اخرى ، فأين الدّلالة على حرمة التّرك كما هو المقصود؟
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ٤٨.