للتّخلّص عن الإشكال الّذي يرد على المقام ، وهو أنّ الخطاب كالإشارة ، نحو توجّه تكويني صوب المخاطب لغرض التّفهيم ، وهذا متوقّف على حضوره والتفاته ، والغائب والمعدوم ليسا كذلك.
اللهمّ إلّا أن ينزّلا منزلة الموجود والحاضر الملتفت ويخاطبان تنزيلا وعناية ، كما ورد في قول الشّاعر :
أيا شجر الخابور مالك مورقا |
|
كانّك لم تجزع على ابن طريف |
أو في قوله :
ألا أيّها اللّيل الطّويل ألا انجلي |
|
بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
وهذا كما ترى.
وكذلك انقدح بما ذكرنا ـ أيضا ـ أنّه لا يصل الدّور إلى ما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره من البحث عن الثّمرة المترتّبة على القول بعموم الخطابات الشّفاهيّة للغائبين والمعدومين وهي أمران : أحدهما : حجيّة ظهور خطاب الكتاب لهما كالمشافهين ؛ ثانيهما : صحّة التّمسّك بإطلاقات الخطابات القرآنيّة ، بناء على التّعميم لثبوت الأحكام لمن وجد وبلغ من المعدومين وإن لم يكن متّحدا مع المشافهين في الصّنف وعدم صحّته بناء على عدمه. (١)
هذا ، مضافا إلى أنّه قد حقّق في محلّه : أنّ حجيّة الظّواهر لا تختصّ بمن قصد إفهامه ، بل تعمّ غيره ـ أيضا ـ إذ دليل الحجيّة هو بناء العقلاء ولا فرق فيه بين المذكورين ، كما سيجيء تحقيق ذلك في مبحث حجيّة الظّواهر.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٥٩ و ٣٦٠.